ما أكل منه) أي: مما غرسه (له صدقة) يعني يحصل للغارس ثواب التصدق بالمأكول إن لم يضمنه الآكل (وما سرق منه له صدقة) يعني يحصل له مثل ثواب صدقة المسروق، وليس المعنى أن المأخوذ صار ملكاً للآخذ كما لو تصدق به عليه (ولا يرزؤه) بفتح التحتية وراء مهملة ثم زاي ثم همزة، وسيأتي أن معناه ينقصه (أحد إلا كان له صدقة. رواه مسلم. وفي رواية له) أي: لمسلم عن جابر (لا يغرس المؤمن غرساً ولا يزرع زرعاً فيأكل منه إنسان) أي: على وجه التصدق عليه والإكرام، أو بطريق الغصب ما لم يؤدّ بدله (ولا) تأكل منه أو تتلفه (دابه) لعل المراد منها كل ما يدب على الأرض لكونه أعم (ولا طير) قيل: إنه اسم جمع لطائر، وقيل: جمع له كصحب وصاحب (إلا كان) أي: المأكول (له) في محل الحال و (صدقة) خبر كان، ويستمر ما استمرت هي أو ما تولد منها (إلى يوم القيامة) قال الأبي: ولا يبعد أن يدوم له الثواب وإن انتقل الملك إلى غيره إلى يوم القيامة وهذا ممكن في الغراس. قلت: قال ابن العربي: من سعة كرم الله تعالى أن يثيب على ما بعد الحياة كما يثيب على ذلك في الحياة وذلك في ستة: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أو غرس، أو زرع، أو الرباط. فللمرابط ثواب عمله إلى يوم القيامة. قلت: ولا يختص حصول هذه الصدقات بمن باشر الغرس أو الزراعة، بل يتناول من استأجر لعمل ذلك والصدقة حاصلة حتى فيما عجز عن جمعه كالسنبل
المعجوز عنه بالحصد فيأكل منه حيوان فإنه مندرج تحت مدلول الحديث. (وفي رواية له) عن جابر أيضاً (لا يغرس) بالرفع (المسلم غرساً ولا يزرع) أي: المسلم (زرعاً) والغرس في الأشجار (فيأكل) بالنصب في جواب النفي (منه) أي: من ثمرة ما ذكر (إنسان ولا دابة ولا شيء) أي: من طائر وجنىّ فهو أعم من الروايات قبله (إلا كانت) أي: الزروع والمغروسات فالتأنيث لذلك أو نظراً إلى تأنيث الخبر (له صدقة. وروياه) أي: الشيخان (من رواية أنسبن مالك) .
قال المصنف: وقد اختلف العلماء في أطيب المكاسب وأفضلها، فقيل التجارة، وقيل: الصنعة باليد، وقيل: الزراعة وهو الصحيح. وفي الحديث أن الثواب في الآخرة مختص بالمسلمين وأن الإنسان يثاب على ما سرق