للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العباد ومنهم النفس، وظلمها بمنعها حقها أو إعانتها على معصية الله وإطاعتها فيها (فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) .

قال القاضي عياض: هو على ظاهره، فيكون ظلمات على صاحبه لا يهتدي يوم القيامة بسبب ظلمه في الدنيا، كما أن المؤمن يسعى بنور هو مسبب عن إيمانه في الدنيا، قال تعالى: {يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم} (الحديد: ١٢) اهـ. قيل ويحتمل أن الظلمات هنا الشدائد وبه فسر قوله تعالى: {قل من ينجيكم من ظلمات البرّ والبحر} (الأنعام: ٦٣) ويحتمل أنها عبارة عن الأنكال والعقوبات.

قال الطيبي: قوله على ظاهره يوهم أن قوله ظلمات هنا ليس مجازاً بل حقيقة، لكنه مجاز لأنه حمل المسبب على السبب، فالمراد ظلمات حقيقة مسببة عن الظلم، والفرق بين الشدائد والأنكال أن الشدائد كائنة في العرصات قبل دخول النار والأنكال بعد دخولها اهـ.

وقال ابن الجوزي: الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ حق الغير بغير حق، ومبارزة الرب بالمخالفة والمعصية فيه أشد من غيرها، لأنه لا يقع غالباً إلا بالتضعيف الذي لا يقدر على الانتصار وإنما ينشأ من ظلمة القلب لأنه لو استنار القلب بنور الهدى لاعتبر (واتقوا الشح) هو بالشين المعجمة وهي مثلثة والضم أعلى، والشحّ أشد البخل، وقيل: البخل مع الحرص، وقيل: البخل في أفراد الأمور، والشحّ عام.

وقيل: البخل بالمال والشحّ به وبالمعروف (فإن الشحّ أهلك من كان قبلكم) أي: من الأمم والهلاك فيه محتمل للهلاك المعنوي والهلاك الحسي ويؤيده قوله: (حملهم على أن سفكوا دماءهم) أي: قتل بعضهم بعضاً كما قتل ذلك الإسرائيلي ابن عمه الذي يرثه استعجالاً للإرث حتى كشف الله أمره بقصة البقرة واستحلوا محارمهم.

قال المظهري في «المفاتيح» : يعني لحرصهم على جمع المال الحرام يقتل بعضهم بعضاً لأخذ أموالهم (واستحلوا محارمهم) أي: اتخذوا ما حرم الله من نسائهم حلالاً: أي فعلوا بهن الفاحشة، وأقرب منه أنهم احتالوا إلى بيع ما حرم الله تعالى عليهم أكله كالشحوم جملوها فباعوها، وكالصيد يوم السبت فحفروا للصيد حفائر لينحبس فيها السمك يومئذٍ فيأخذوه بعد، ففيه تقبيح التحليل للحرام بما لم يرد الإذن للتخلص به من الحرام كبيع العينة، أخذاً من أمره لبلال أن يبيع التمر الرديء بالدراهم ويشتري بالدراهم الجيد من التمر ونهاه عن شراء مدّ جيد بمدين من الرديء (رواه مسلم) .

قال السيوطي في «الجامع الصغير» ورواه

<<  <  ج: ص:  >  >>