ثواباً وعذاباً التنفيس بالتنفيس والستر بالستر والعون بالعون، ونظير ذلك كثير في أحكام الدنيا والآخرة، وهذا يؤذن بعظيم فضل السعي في طلب العلم ويلزم منه عظم فضل الاشتغال به، وأدلته أشهر من أن تذكر وأكثر من أن تحصر (وما اجتمع قوم) هو اسم جنس جمع يصدق بثلاثة فأكثر يستوي فيه الذكور والإناث، كذا في «فتح الإله» ، وظاهره أنه مشترك بين الفريقين، لكن تقدم عن «مفردات الراغب» : القوم جماعة الرجال في الأصل دون النساء، قال تعالى:
{لا يسخر قوم من قوم ولا نساء من نساء}(الحجرات: ١١) وفي عامة القرآن أريدوا به والنساء جميعاً وحقيقته للرجال اهـ. ومنه يتبين أن قوله يستوي فيه الذكور والإناث باعتبار أنه المراد لاستواء المكلف من كلا النوعين في غالب الأحكام، فيكون مجازاً من باب التغليب أو استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه (في بيت من بيوت الله تعالى) هوالمسجد (يتلون) أي يقرؤون (كتاب الله تعالى) أي القرآن لتبادره إلى الأذهان وإضافته إلى الله تعالى لأنه منزل من عنده معجزة لنبيه (ويتدارسونه بينهم) أي يقرأ هذا شيئاً ويقرأ الآخر عين ما قرأه صاحبه هذه المدارسة الفضلى التي وردت من فعله مع جبريل في حديث «كان جبريل يدارسه القرآن» ويحتمل أن المراد من المدارسة في هذا الحديث ما يشمل ما اعتيد من قراءة ما بعد ما يقرؤه القارىء وهكذا. والتخصيص بما ذكر لكمال الفضل وإلا فجاء في رواية أخرى غير مقيدة بذلك وإنما فيه ترتب ما ذكر في الخير على الاجتماع على الذكر مطلقاً ولا تقيد تلك المطلقة بهذه الرواية، لأن ذكر بعض أفراد العام لا يخصص وفضل الله عام (إلا نزلت عليم السكينة) أي المذكورة في قوله تعالى: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين}(الفتح: ٤) وهي فعيلة من السكون للمبالغة والمراد بها هنا الحالة التي يطمئن بها القلب، فلا يزعج لطارق دنيوي لعلمه بإحاطة قدرة الله لسائر الكائنات فيسكن القلب ويطمئن بموعود الأجر لقوّة رجائه بحصوله لما وفقه للاشتغال به عما سواه. وقيل السكينة: اسم ملك ينزل في قلب المؤمن يأمر بالخير. وقيل السكينة: الرحمة والوقار والسكون والخشية وغير ذلك، والمراد السكون تحت جري المقادير لا ضد الحركة ولا يمنع من تفسيرها بالرحمة عطفها عليها في الجملة بعدها لأن المقام للإطناب واختار المصنف كون السكينة هنا بمعنى الطمأنينة وفي