للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبب مخالفته لها (فقالت) مخاطبة له لما صدر منه من المعارضة والمخالفة لها (مرّ رجل حسن الهيئة) هو بمعنى قوله في رواية السابقة راكب دابة فارهة وشارة حسنة (فقلت) اللهم اجعل ابني مثله) حسن المنظر جميل الهيئة (فقلت) بفتح التاء ضمير المخاطب (اللهم لا تجعلني مثله ومروا بهذه الأمة) لعلها كانت بالقرب لم تبعد حال كلامها معه وإن كانت قد ذهبت. فالإتيان باسم الإشارة الموضوع للقريب لقرب القصة بالنسبة لما قبلها (وهم يضرونها ويقولون زنيت وسرقت. فقلت: اللهم لا تجعل ابني مثلها. فقلت: اللهم اجعلني مثلها) فأجابها ببيان سبب ذلك (قال) وهو استئناف بياني كأنه قيل: ماذا قال الصبي عند قول أمه له ما ذكر؟ فقال قال: (إن ذلك الرجل كان جباراً) .

وفي رواية أحمد «يا أماه أما الراكب ذو الشارة فجبار من الجبابرة» وفي رواية الأعرج «فكأنه كافر» في «مختصر القاموس» «الجبار الله تعالى» وكل عات وقلب لا تدخله الرحمة والقتال في غير حق والعظيم القوي الطويل جبار اهـ. وظاهر أنه محتمل هنا لكل المعاني الأخيرة لاحتمال أنه موصوف بكل منها (فقلت: اللهم لا تجعلني مثله) في الجبروت فإنه سبب للقصم والهلاك في الدين (وإن هذه) أي الأمة الحاضرة أو التي في معنى الحاضرة لقرب قصتها (يقولون) أي لها (زنيت و) هي (لم تزن) فهي في محل الحال على تقدير المبتدأ أو معترضة بين المتعاطفين لتبرئتها مما رميت به (و) يقولون (سرقت) بكسر الفوقية فيه وفيما قبله (ولم تسرق) ويجوز كونها معترضة أيضاً إن وقوع الجملة المعترضة في آخر الكلام كما أشار إليه القاضي البيضاوي في «التفسير» في نظيره (فقلت: اللهم اجعلني مثلها) أي في السلامة من الذنب والبراءة من وصمته: قال الحافظ في «الفتح» : في الحديث أن نفوس أهل الدنيا تقف مع الخيال الظاهر فتعاف سوء الحال، بخلاف أهل التحقيق فوقوفهم مع الحقيقة في الباطن فلا يبالون بذلك مع حسن السريرة كما قال تعالى حكاية عن أصحاب قارون حيث خرج عليهم {قالوا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارن ... وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير} (القصص: ٧٩، ٨٠) وفيه أن البشر طبعوا على إيثار الأولاد على النفس بالخير لطلب

<<  <  ج: ص:  >  >>