للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٨٠١ - (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه) قيل هو كناية عن الجماع ويقويه قوله: «الولد للفراش» والكناية عما يستحي من التصريح به فاشية في الكتاب والسنة (فلم تأته) ن غير عذر بها (فبات غضبان) غير مصروف بناء على أن الشرط في منع صرف الوصف ذي الزيادة وجود فعلي (عليها لعنتها الملائكة) ويستمرّ ذلك منهم إن استمرت على الامتناع (حتى تصبح) ويؤيد ما تقرّر أنه جاء في رواية «حتى ترجع» قال بعضهم: ورواية الأصل محمولة على الغالب، وظاهر عموم الحديث حرمة امتناعها من فراشها ولو حائضاً وهو كذلك لإمكان الاستمتاع بها بغير الجماع. وظاهر الخبر اختصاص اللعن بما إذا وقع منها ذلك ليلاً، لقوله: حتى تصبح وكأن السرّ فيه تأكيد ذلك الشأن في الليل وقوّة الباعث عليه، ولا يلزم منه جواز امتناعها منه نهاراً، لأن تخصيص الليل بالذكر لأنه مظنة ذلك، ويؤخذ من قوله: فبات غضبان، أن اللعن عليها إنما يكون حينئذٍ لتحقق ثبوت معصيتها، بخلاف ما إذا لم يغضب من ذلك إما لعذرها، وإما لأنه ترك حقه من ذلك.

قال القرطبي: أما لو دعت المرأة زوجها فأبى فلا إثم عليه ما لم يقصد بالامتناع المضارة لها فيحرم حينئذٍ/ والفرق بينهما أن الرجل لبذله لماله هو المالك للبضع، والدرجة التي له بسبب سلطته عليها بسبب ملكه أيضاً فقد لا ينشط في وقت دعائها له فلا ينتشر ولا يتهيأ له ذلك بخلافها. قال المهلب: هذا الحديث يوجب أن منع الحق في البدن كان أو في المال مما يوجب سخط الله إلا أن يتغمد الله بالعفو، وفيه جواز لعن العاصي المسلم إذا كان على وجه الإرهاب عليه لئلا يواقع الفعل إذا واقعه فإنما يدعي له بالتوبة والهداية قال الحافظ ابن حجر: والحق أن من منع أراد باللعنة المعنى الغوي وهو الإبعاد من الرحمة ومن أجاز أراد بها المعنى العرفي وهو مطلق السبب، وحديث الباب ليس فيه إلا أن الملائكة يدعون على أهل المعصية ما داموا فيها وهل هم الحفظة أو غيرهم، كل محتمل. ويحتمل أن يكون بعض الملائكة موكلاً بذلك. قلت: وظاهر الحديث التعميم لأن الجمع المحلى بأل من صيغه، وفيه دليل على قبول دعاء الملائكة لكونه خوف به، وفيه الإرشاد إلى مساعدة الزوج ومرضاته، وفيه أن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، وفيه أن امتناعها من ذلك كبيرة (متفق عليه) ورواه أحمد وأبو داود والنسائي.

(وفي رواية لهما) أي للشيخين وهي عند أحمد

<<  <  ج: ص:  >  >>