للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سلمان «من حبها» وزاد مالك «إذا خرج منه يعود إليه» (ورجلان تحابا) بتشديد الموحدة وأصله تحاببا: أي اشتركا في جنس المحبة وأحب كل منهما صاحبه حقيقة لا ظاهراً فقط، و «في» في قوله: (في ا) تعليلية (اجتمعا عليه) هذا لفظ مسلم ولفظ البخاري «اجتمعا على ذلك» والمشار إليه ومرجع الضمير هو الحب المدلول عليه بقوله تحابا (وتفرقا عليه) المراد أنهما داما على المحبة ولم يقطعاها لعارض دنيوي سواء اجتمعا حقيقة أم لا حتى فرق بينهما الموت، وعدت هذه الخصلة واحدة مع أن متعاطيها اثنان لأنها لا تتم إلا باثنين.H ولما كان المتحابان بمعنى واحد كان عد أحدهما مغنياً عن الآخر، لأن الغرض عدّ الخصال لا عد جميع المتصف بها وهذا مقصود الترجمة (ورجل دعته امرأة ذات منصب) أي أصل وشرف (وجمال) وصفها بالأوصاف التي جرت العادة بمزيد الرغبة لمن تحصل فيه، وقل من يجتمع فيها ذلك من النساء، والمراد دعته إلى نفسها كما زاد ابن المبارك في روايته، وعن البيهقي في «الشعب» من حديث أبي هريرة «فعرضت نفسها عليه» والظاهر أنها دعته إلى الفاحشة وبه جزم القرطبي ولم يحك غيره، وقال بعضهم: يحتمل أنها دعته إلى التزويج فخشي أن يشغله عن عبادة مولاه والافتتان بها، أو خاف أن لا يقوم بحقها لشغله بالعبادة عن التكسب لها. والأول أظهر ويؤيده وجود الكناية في قوله إلى نفسها، ولو كان المراد التزويج لصرح به، والصبر عن الموصوفة بما ذكر من أكبر المراتب لكثرة الرغبة في مثلها وعسر تحصيلها سيما وقد أغنت عن مشاق التوصل إليها بمراودة ونحوها (فقال: إني أخاف ا) في رواية كريمة «ربّ العالمين» والظاهر أنه يقول بلسانه ليزجرها وتعتبر بقلبها ويحتمل أنه بقلبه، قاله عياض، قال القرطبي: إنما يصدر ذلك عن شدة خوف من الله ومتين غوى وحياء (ورجل تصدّق) بلفظ الماضي، قال

الكرماني: جملة حالية بتقدير قد (بصدقة) نكرها ليشمل كل ما تصدق به من قليل وكثير، وظاهره يشمل المفروضة والمندوبة لكن نقل المصنف أن إظهار المفروضة أولى من إخفائها (فأخفاها حتى لا تعلم) بضم الميم وفتحها (شماله ما تنفق يمينه) هكذا في معظم الروايات في البخاري وغيره، ووقع في صحيح مسلم مقلوباً «حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» وقد بسط الحافظ في «الفتح» في بيان من وهم بذلك، وما في البخاري هو الصواب وهو وجه الكلام لأن السنة في الصدقة إعطاؤها باليمين. والقصد من الحديث الحثّ على المبالغة في إخفاء الصدقة بحيث إن شماله مع قربها من

<<  <  ج: ص:  >  >>