يمينه وتلازمها لو تصوّر أنها تعلم لما علمت ما فعلت اليمين لشدة إخفائها فهو على هذا من مجاز التشبيه، ويؤيده أنه جاء في رواية «تصدق بصدقة كأنما أخفى يمينه عن شماله» ويحتمل أن يكون من مجاز لحذف أي حتى لا يعلم ملك شماله (ورجل ذكر الله تعالى) أي بقلبه من التذكر أو بلسانه من الذكر (خالياً) أي عن الخلق لأنه حينئذٍ يكون أبعد من الرياء. أو المراد خالياً عن الالتفات إلى غير الله ولو كان في ملأ، ويؤيده رواية البيهقي «ذكر الله بين يديه» ويؤيد الأول رواية ابن المبارك وحماد بن زيد «ذكر الله خلاء» أي في موضع خال وهي أصح (ففاضت عيناه) في فاضت الدموع منهما وإسناد الفيض إليهما مبالغة كأنها هي التي فاضت» قال القرطبي: وفيض العين بحسب حال الذاكر وما ينكشف له، فبكاؤه خشية من الله تعالى حال أوصاف الجلال، وشوقاً إليه سبحانه حال أوصاف الجمال. قال الحافظ في «الفتح» وذكر الرجال في هذا الحديث لا مفهوم له فيما ذكر إلا إن أريد بالإمام العادل الإمامة العظمى وإلا فيمكن دخول المرأة حيث تكون ذات عيال فتعدل فيهم ويخرج خصلة ملازمة المسجد لأن صلاتها في بيتها أفضل من المسجد، وما عدا ذلك فالمشاركة حاصلة لهن.
فائدة: أورد الحافظ السخاوي في «جزئه» المسمى بالخصال الموجبة للظلال تسعة وثمانين خصلة ذكر أدلة ذلك وما ورد فيه في آخره أن الأديب معمر بن عبد القوي المكي المالكي نظمها على ترتيب لها في جزئه فقال:
أناس روينا في الصحيحين سبعة
يظلهم الرحمن في برد ظله
وقد حازهم زين الهدى شيخ وقته
أبو شامة في النظم منه بقوله
محب عفيف ناشىء متصدق
وباك مصلّ والإمام بعدله
وزاد عليه شيخ الإسلام عدة
ثلاثة سبعات رواها بنقله
وأبرزها نظماً فقال ونظمه
هو الدر لا نظم يكون كمثله
وزد سبعة: إصلال غاز وعونه
وإنظار ذي عسر وتخفيف حمله
وحامي غزاة حين ولوا وعون ذي
غرامة حق مع مكاتب أهله
وزد مع ضعف سبعتين إعانة
لأخرق مع أخذ لحق وبذله
وكره وصبر ثم مشي لمسجد
وتحسين خلق ثم معظم فضله
وكافل ذي يتم وأرملة وهت
وتاجر صدق في المقال وفعله
وحزن وتصبير ونصح ورأفة
تربع بها السبعات من فيض فضله
وقد زاد فيما بعد ستاً ولم تقع
منظمة منه كسابق قوله
وفي نظمها حكم لغير كنفسه
محب لسيف الله شيعة عدله
وترك الزنا ترك الرياء ورشوة
وأول إنعام نهاية كله
فأربعة صار الجميع وقبلها
ثلاثون فاقرأ العلم تحظ بنيله
وزاد عليها حافظ العصر شيخنا
وعلامة الإسلام جامع شمله
عنيت السخاوي الذي كل عالم
يروي صداه من تفيض فضله