إلا متاع الغرور) أي لمن أقبل عليها ولم يطلب الآخرة بها. قال ابن كثير: هي متاع، فإن عاد لمن ركن إليها فإنه يغتر بها وتعجبه حتى يعتقد أن لا دار سواها ولا معاد وراءها، وهي حقيرة قليلة بالنسبة إلى الدار الآخرة. عن أبي هريرة عن النبي «موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها، اقرءوا:{وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور} وهذا الحديث ثابت في الصحيح بدون هذه الزيادة اهـ. قاله المحلي.......
(وقال تعالى) : ( {زين للناس حبّ الشهوات} ) أي ما تشتهيه النفس وتدعوا إله من لعب ولهو وزينة وتكاثر، زينها الله ابتلاء، أو الشيطان ( {من النساء والبنين والقناطير} ) أي الأموال الكثيرة (المقنطرة) المجتمعة والقناطير جمع قنطار أو جمع قنطرة. واختلف في قنطار هل هو فعلال أو فعال، والقنطار المال الكثير بعضه على بعض قاله الربيع بن أنس. وقيل مائة ألف ومائة ومائه رطل ومائة مثقال ومائة درهم، قاله سعيد بن جبير وعكرمة. وقيل ملء مسك ثور ذهباً أو فضة، قاله أبو نصرة. وسمي قنطاراً من الأحكام، يقال قنطرت الشيء: إذا أحكمته ومنه القنطرة. وقيل ما بين السماء والأرض من مال قاله صاحب «الحكم» . والمقنطرة قيل إنها مأخوذة من القنطار للتأكيد كبدرة مبدرة. وقيل لغيره فقال الضحاك أي المحصنة، وقال قتادة: أي الكثيرة المنضدة بعضها فوق بعض. وقال يمان: هي المدقوقة. وقال الفراء: المضعفة فالقناطير ثلاثة والمقنطرة تسعة ( {من الذهب والفضة} ) قال في لباب التفاسير: سمى الذهب ذهباً لسرعة ذهابه في الإنفاق والزكاة، والفضة فضة لأنها تفرق بضرب الدراهم، وتفرق بالإنفاق، والفض التفريق اهـ. والظرف في محل الحال بيان للقناطير ( {والخيل المسومة} ) المعلمة من السومة وهي العلامة أو المرعية من أسام الدابة وسومها أو المطهمة: أي المجملة ( {والأنعام} ) جمع نعم بفتح أوليه وهي الإبل والبقر والغنم، سميت به لعظم الانتفاع بها ( {والحرث} ) أي الزرع ( {ذلك} ) أي ما ذكر ( {متاع الحياة الدنيا} ) أي ما يتمتع به فيها وهو فإن مضمحلّ لا يقابل ما ادخره في الآخرة وقد عم ذلك بقوله ( {وا عنده حسن المآب} ) أي المرجع وهو تحريض على استبدال ما عند الله تعالى من اللذات الحقيقية الأبدية بالشهوات المخدجة الفانية.......
(وقال تعالى) : ( {يا أيها الناس إن وعد الله حق} ) لا خلف فيه. قال أبو حيان في «النهر» : شامل لجميع ما وعد به من ثواب وعقاب وغير ذلك. قلت: وكأن اقتصار البيضاوي على قوله بالحشر والجزاء لأنهما الأهم، بل اقتصر الحافظ ابن كثير على الأول وهو مستلزم للجزاء لأن ذاك لذلك ( {فلا تغرنكم الحياة الدنيا} )