للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: قوله بعد ذكر المسألة "وعنه": فهو عبارة عن رواية عن الإمام، والضمير فيه له وإن لم يتقدم له ذكر، لكونه معلوما، فهو كقوله تعالى: {إنا أنزلناه} ١، والضمير للقرآن، مع عدم ذكره لفظا، فعنه: جار ومجرور متعلق بمحذوف، أي نَقَلَ ناقلٌ عنه، أو نَقَلَ أصحابُه عنه، وفعل ذلك المتأخرون اختصارا، وإلا فالأصل أن يقال: نقل عبدُ الله عن الإمام كذا، أو نقل صالح، أو نقل المروذي، كما فعله أبو الخطاب، وغيره من المتقدمين.

الرابع: التخريج: فيقولون: يتخرج كذا، .. وهو في معنى الاحتمال وإنما يكون الاحتمال والتخريج إذا فُهِمَ المعنى، وكان المخرج والمحتمل مساويا لذلك المخرج منه في ذلك المعنى، (كما إذا أفتى في مسالتين متشابهتين بحكمين مختلفين في وقتين، جاز نقل الحكم وتخريجه من كل واحدة منهما إلى الأخرى، ما لم يفرق بينهما (١) أو يقرب الزمن (٢)).

الخامس: الاحتمال: وهو في الأصل مصدر احتمل الشيء، بمعنى حمله، وهو افتعال منه، ومعناه: أن هذا الحكم المذكور، قابل ومتهيء لأن


(١) أي: ما لم ينطق الإمام بالفرق بين المسألتين فيكون حينئذ قاصدا التفريق بينهما لا ذاهلا وعليه فيمتنع التخريج في هذه الحالة.
(٢) أي: يقرب الزمن بين المسألتين المتشابهتين اللتين فرق بينهما الإمام في الحكم؛ ففي هذه الحالة يمتنع التخريج المذكور قال في الإنصاف: قال في الرعايتين، وآداب المفتي: أو قرب الزمن: بحيث يظن أنه ذاكر حكم الأولة حين أفتى بالثانية.
ويسمى هذا بالنقل والتخريج وفيه خلاف فصاحب المطلع والطوفي في الأصول على جوازه، قال المرداوي
: (الإنصاف ٣٠/ ٣٧١): وكثير من الأصحاب على ذلك، ثم قال: والصحيح من المذهب: أنه لا
يجوز، كقول الشارع ذكره أبو الخطاب في التمهيد وغيره وقدمه ابن مفلح في أصوله، والطوفي في أصوله،

وصاحب الحاوي الكبير، وغيرهم وجزم به المصنف في الروضة، كما لو فرق بينهما، أو منع النقل والتخريج قال في الرعايتين، وآداب المفتي: أو قرب الزمن، بحيث يظن أنه ذاكر حكم الأدلة حين أفتى بالثانية والمذهب: إجراء الخلاف مطلقا فعلى المذهب: يكون القول المخرج وجها لمن خرجه وعلى الثانية: يكون رواية مخرجة).
وعرف المرداوي التخريج بقوله: (وأما التخريج: فهو نقل حكم مسألة إلى ما يشبهها، والتسوية بينهما فيه).

<<  <   >  >>