للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القسم الأول: من فهم ذلك ووافقه عليه كتلميذه البيهقي (ت ٤٥٨ هـ)، وأبو علي الجياني (١) -الغساني- (ت ٤٩٨ هـ).

فأما البيهقي فقد أكّد أن هذا هو مذهب كثير من حفاظ الحديث (٢)، وهو ما يدل عليه صنيع الإمامين البخاري ومسلم، فقال:

"والذي عندنا من مذهب كثير من الحفاظ، وعليه يدل مذهب الإمامين: أبي عبد الله البخاري، وأبي الحسين النيسابوري:

- أنهما إنما يشترطان أن يكون للصحابي الذي يروي الحديث راويان فأكثر؛ ليخرج بذلك عن حد الجهالة، وهكذا من دونه.

- ثم إن انفرد أحد الراويين عنه بحديث، وانفرد الآخر بحديث آخر، أو بحكاية، أو جرى له [ذكر] في حديث آخر، قبل.

- وإنما التوقف في رواية صحابي أو تابعي لا يكون له إلا راوٍ واحدٌ" (٣)


(١) الحسين بن محمد بن أحمد الغساني الجياني الأندلسي، أبو علي. محدث الأندلس. من مصنفاته: (تقييد المهمل وتمييز المشكل) و (الألقاب) و (التنبيه على الأوهام الواقعة في المسندين الصحيحين) وغيرها. ينظر: الذهبي, السير, ١٤/ ١٧٢. ابن العماد, الشذرات, ٥/ ٤٢٠. الزركلي, الأعلام, ٢/ ٢٥٥.
(٢) ذلك بعد أن أشار إلى القول الأول، وإبهام قائله، فقال: "ورأيت في الفصول التي أملاها في الأصول -من هذه الأجزاء- حكايةً عن بعض أصحاب الحديث: أنه اشترط في قبول الأخبار:
(أن يروي عدلان، عن عدلين، [عن عدلين]، حتى يتصل مثنىً مثنىً برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) ولم يذكر قائله! ".
: البيهقي، رسالة الإمام أبي بكر البيهقي إلى الإمام أبي محمد الجويني، ٨٣.
(٣) ذكر أمثلة لبعض الرواة من الصحابة والتابعين ممن ليس له إلا راوٍ واحد:
- كصفوان بن عسال، لم يرو عنه من الثقات إلا: زر بن حبيش.
- وكعروة بن مضرس، وهو صحابي، لم يرو عنه من الثقات إلا: عامر الشعبي.
- وكالصُبّي بن معبد، وهو تابعي، لم يرو عنه من الثقات إلا: أبو وائل شقيق بن سلمة.
ينظر: البيهقي، المرجع السابق، ٨٤ - ٨٥.
ومن أمثلة ذلك في كتابه السنن الكبرى، حيث أخرج في كتاب الزكاة، باب ما ورد فيمن كتمه، حديثاً عن بهز بن حكيم بن معاوية، عن أبيه، عن جده، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((في كل أربعين من الإبل السائمة ابنة لبون ... )) هذا حديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن -كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، ٢/ ١٠١ ح (١٥٧٥) -، فأما البخاري ومسلم رحمهما الله فإنهما لم يخرجاه جريا على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين , ومعاوية بن حيدة القشيري لم يثبت عندهما رواية ثقة عنه غير ابنه فلم يخرجا حديثه في الصحيح والله أعلم." البيهقي، السنن الكبرى، ٤/ ١٧٦ ح (٧٣٢٨).

<<  <   >  >>