للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وممن تأوّل كلام الحاكم كذلك- وبيّن أن مراده: إثبات شهرة الراوي وخروجه عن حدّ الجهالة (١) -: أبو علي الجيانى -الغساني- حيث قال: "وليس مراده أن يكون كل خبرٍ

روياه يجتمع فيه راويان عن صحابيه وتابعيه ومن بعده، فإن ذلك يعزُّ وجوده، وإنما المراد أَن هذا الصحابي، وهذا التابعي قد روى عنه رجلان خرَج بهما عن حدّ الجهالة برواية الواحد" (٢).

قال السيوطي: "واعتنى جماعة (٣) بالحاكم فقالوا: "إن الحازمي ظن أن مراد الحاكم: أن كل حديث في الكتابين يشترط أن يرويه اثنان وليس ذلك مراده، إنما مراده أن كل راو فيهما يُشترط أن يكون له راويان؛ ليخرج بذلك عن حد الجهالة، لا أن يتفقا على رواية ذلك الحديث بعينه" (٤).

وقد تعقّب أبو عبدالله بن المواق (٥) هذا الرأي فقال:


(١) قال الجديع - بعد أن نقل تعريف الحاكم للصحيح-: "وهذه الصفة التي ذكر الحاكم ظن بعض الناس أنه عنى أن كل حديث صحيح يجب أن يرويه اثنان عن الصحابي، وليس الأمر كذلك، إنما قوله: "وهو أن يروي عنه تابعيان عدلان" عائد على ما ترتفع به الجهالة، فهو يقول: رفع الجهالة لا يكون إلا برواية اثنين عن الصحابي فمن دونه من رواة الحديث.". قال الخطيب البغدادي: "المجهول عند أصحاب الحديث: هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه, ولا عرفه العلماء به, ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد" المراجع: الخطيب البغدادي، الكفاية، ٨٨، الجديع، التحرير، ١/ ٣٣٦
(٢) نقل كلامه القاضي عياض في مقدمته لشرح صحيح مسلم. عياض بن موسى بن عياض اليحصبي، إكمالُ المُعْلِم بفوائد مسلم، ١/ ٨٣.
(٣) منهم: ابن حجر حيث تعقّب الحازمي بقوله: "قد فهم الحافظ أبو بكر الحازمي من كلام الحاكم أنه ادعى أن الشيخين لا يخرجان الحديث إذا انفرد به أحد الرواة، فنقض عليه بغرائب الصحيحين.
والظاهر أن الحاكم لم يرد ذلك وإنما أراد كل راو في الكتابين من الصحابة فمن بعدهم، يشترط أن يكون له راويان في الجملة، لا أنه يشترط أن يتفقا في رواية ذلك الحديث بعينه عنه". ابن حجر، النكت، ١/ ٢٤٠
(٤) السيوطي، البحر الذي زخر، ٢/ ٦٩٠ - ٦٩١.
(٥) محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي، أبو عبدالله المواق: فقيه مالكي. له: (التاج والإكليل في شرح مختصر خليل) و (سنن المهتدين في مقامات الدين). مات سنة ٨٩٧ هـ. ينظر: الزركلي, الأعلام, ٧/ ١٥٤. كحالة, المؤلفين, ٢/ ٣٠٢.

<<  <   >  >>