للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصحابي راوي الحديث المُخرّج له في الصحيحين- والفارق بينهم أنّ ابن طاهر وابن منده استثنيا من هذا الشرط من أُخرِج حديثه من الصحابة ولم يرو عنه إلا واحد، وهم قلة في الصحيحين، بينما الحاكم أطلق قوله - في التعريف بالصحيح- دون استثناء، ولكنه ذكر هذا الاستثناء في تعقيبه على حديث في المستدرك (١)، وهو ما نبه إليه السخاوي بقوله: "وقد وجدت في كلام الحاكم التصريح باستثناء الصحابة من ذلك، وإن كان مناقضا

لكلامه الأول، ولعله رجع عنه إلى هذا، فقال: "الصحابي المعروف إذا لم نجد له راويا غير تابعي واحد معروف، احتججنا به، وصححنا حديثه; إذ هو صحيح على شرطهما جميعا." (٢)

وبهذا الاستثناء يكون الحاكم قد وافقهم فيما ذكروه من القاعدة الأغلبية.

- وهناك من انتصر للحاكم على كلا المذهبين، وأشار إلى احتمالهما جميعاً كابن الأثير (٣) (ت ٦٠٦ هـ)، وبيّن أن مراد الحاكم يحتمل الأمرين (سواء اشتراط العدد أو إثبات الشهرة للرواة)، ولا إنكار عليه، فقال في "مقدمته لجامع الأصول" - بعد أن سرد مقولة الحاكم في شرط الصحيح عند الشيخين-:

"وقد قال غيره: إن هذا الشرط غير مطَّرد في كتابَي البخاري ومسلم، فإنهما قد أخرجا فيهما أحاديث على غير هذا الشرط.


(١) الحاكم، المستدرك، كتاب الإيمان ح (٦١) ١/ ٧٤.
(٢) السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٦٨.
(٣) مبارك بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجرزي ثم الموصلي المعروف بابن الأثير مجد الدين أبو السعادات, كان فقيها، محدّثا، أديبا، نحويا، عالما بصنعة الحساب والإنشاء, وله المصنفات البديعة والرسائل الوسيعة منها: (جامع الأصول في أحاديث الرسول) و (النهاية في غريب الحديث) وغيرها. مات سنة ٦٠٦ هـ. ينظر: الذهبي, السير,١٦/ ٤٥. ابن العماد, الشذرات, ٧/ ٤٢. الأدنه وي, طبقات المفسرين, ٢١٢.

<<  <   >  >>