للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وهناك من رجّح المذهب الثاني وبيّن أنه غير مطّرد في جميع ما اُخرج في الصحيحين كابن حجر (ت ٨٥٢ هـ)، وتلميذه السخاوي (ت ٩٠٢ هـ)، فقد توسطوا، وجمعوا بين تأويل الشرط بالشهرة، وبيان عدم اطّراده في جميع ما أُخرِج في الصحيحين.

بينما رجّح السيوطي (ت ٩١١ هـ) هذا المذهب، وأشار إلى أنه مطّرد فقال: "ولا ينتقض أيضاً ببعض الصحابة المشار إليهم لما سأبينه في محله، فصحّ كلام الحاكم والبيهقي، ولله الحمد" (١).

قال ابن حجر: "والشرط الذي ذكره الحاكم وإن كان مُنتقِضًا في حق بعض الصحابة الذين أخرج لهم، فإنه مُعتَبر في حق من بعدهم فليس في الكتاب حديث أصل (٢) من رواية من ليس له إلا راو واحد قط" (٣)، وفي كلام ابن حجر إشارة إلى أن هذا الشرط إنما اُنتقض في روايات بعض الصحابة ممن لا راوي عنه إلا واحد، أما من أخرج لهم البخاري في صحيحه ممن هم دون الصحابي - وكانت روايته في أصول الكتاب دون الشواهد والمتابعات- فهذا الشرط متحقق فيهم.


(١) السيوطي، البحر، ١/ ٦٩٦.
(٢) حين يكون الحديث عن شرط الشيخين "ينبغي أن يؤخذ بالاعتبار تقسيمهما لأحاديث الكتابين، لأن مما لا خلاف فيه أن أحاديث الكتابين على قسمين:
الأول: ما أخرجاه أصولاً للأبواب.
الثاني: ما كان من قبيل المتابعات والشواهد، فالأمر في هذا أخف، وقد يحصل فيه تساهل، لا يخرجه من دائرة الصحيح، على اختلاف مراتبه وأنواعه. ونحن إذ نتكلم على تحديد شرطهما، فالمراد القسم الأول من الأحاديث." السلوم، تتمة في بيان شرط الشيخين، ١٧٧.
(٣) ابن حجر، هدي الساري، ٩. وإن كان السيوطي لا يرى في عدم اطراد الشرط اختلاله أو انتقاضه بل يصدق عليه حكم الأغلبية حيث قال: "ولا ينتقض أيضاً ببعض الصحابة المشار إليهم لما سأبينه في محله، فصحّ كلام الحاكم، والبيهقي، ولله الحمد" السيوطي، البحر الذي زخر، ٢/ ٦٩٦.
"وكذا الحال في مسلم، فإن من طُعن فيه لأجل تفرد راوٍ واحد عنه، ماله في الأصول شيء. وقد يُخرج هو والبخاري في المتابعات أحرفاً يسيرة لبعض هؤلاء. وإنما شرطا ذلك في الراوي؛ لأن تفرد رجل واحد بالرواية عنه موجب لعدم شهرته بالطلب، ومعرفته بالعلم، وهذا أمر يحجم الاطمئنان إليه، والاعتماد عليه." السلوم، شرط الشيخين، ١٨١.

<<  <   >  >>