للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحيث كان مطلقا من قيد العدالة والضبط، دل على انحطاطهم عن درجة رجال الصحيح". (١)

وكذلك نقل البقاعي عن شيخه ابن حجر في شرحه لقيد (واشتهر رجاله) أن مراد الخطابي بالشهرة في الحديث الحسن اشتهار رواته "بالصفات المتوسطة بين صفات الصحيح والضعيف، فلا يشترط أن يبلغوا الاتقان المشروط في رواة الصحيح، بل يكون إتقانهم دون ذلك، ولا ينزلون في خفة الضبط إلى القدر الموصل إلى الضعيف" (٢).

فهذه الدرجة من الشهرة، وهي الشهرة بصفات متوسطة بين الصحة والضعف هي المطلوبة في راوي الحديث الحسن (٣).

ثم تتدنى مراتب الشهرة إلى أن تصل لأدنى درجاتها وهي وصف الراوي بالشهرة مُطلقاً دون قيد، فيوصف بلفظ (مشهور) "وهي مفردة دالة بأصل استعمالها على دفع جهالة العين، لكنها لا تفيد التعديل الذي يثبت معه حديث الراوي، وإنما تنفع في تقوية أمره بقدرٍ ما، إذا سَلِم الراوي من قادح" (٤)، وهذه شهرة نسبيّة حيث عُرِفت عين الراوي، وجُهِلت عدالته، وهو ما يطلق عليه لفظ (مجهول الحال) أو (المستور)، فأدنى درجات الشهرة


(١) وذلك بعد قوله: "وقد قصد بهذا القيد الاحتراز عن الصحيح؛ لأن شرط الصحيح أن يكون مشهور العدالة." الطيبي، الخلاصة، ٤١.
(٢) البقاعي، النكت، ١/ ٢٢١ - ٢٢٢. ينظر كذلك: السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٨٦.
(٣) سيأتي معنا في تحرير قيد الستر للراوي، وصف الرواة المتوسطون في الحفظ والإتقان بلفظ الستر، وهذا نوع تداخل بين الشهرة بالصدق وإطلاق اسم الستر على الراوي، يأتي بيانه وتوضيحه في الصفحات القادمة بإذن الله.
(٤) الجديع، التحرير، ١/ ٢٥٠. فهناك من الرواة من يُشتهر بالكذب والوضع، ومنهم: أحمد بن محمد بن حرب أبو الحسن الملحمي. قال ابن عدي: "هذا هو مشهور بالكذب ووضع الحديث". ابن عدي، الكامل في الضعفاء، ١/ ٣٣٢ (٤٦).
وعمر بن محمد، أبو حفص التَّلعُكبري الخطيب، "مشهور بوضع الحديث". الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ١٣/ ٩٧ (٥٩٤٤).

<<  <   >  >>