للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففي القسم الذي نزّله على تعريف الترمذي، وقال فيه: "ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله، أو بما له من شاهد، وهو ورود حديث آخر بنحوه، فيخرج بذلك عن أن يكون شاذا ومنكرا ... "، فهو هنا صرّح بأن نفي الشذوذ مرادف لقوله "ويُروى من غير وجه" أي أنه نفي للتفرد.

بينما في القسم الثاني، والذي نزّله على تعريف الخطابي، اشترط في راويه أن يكون من مرتبة من لا يُستنكر تفرّده، فقال: "وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا"، والشذوذ والنكارة عند ابن الصلاح بمعنى واحد، فإذا كان تفرّد رواة هذا القسم لا يُعدّ منكراً ولا شاذاً، فيُحمل اشتراط نفي الشذوذ هنا على المعنى الثاني الذي قرره من معاني الشاذ اصطلاحاً، وهو المخالفة، والله تعالى أعلم. (١)

ثانياً: السلامة من النكارة (٢):

النكارة تأتي في اللغة بمعنى: الدهاء، والأمر الشديد أو الصعب، والنكرة: خلاف المعرفة، والمنكر: ضد المعروف.

ونكر الشيء وأنكره: لم يقبله قلبه، ولم يعترف به لسانه. (٣)


(١) "فقوله: "يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا" احتراز من الضعيف، الذي تفرّده يُعدُّ منكراً، ثم اشترط بعد ذلك السلامة من الشذوذ والنكارة، وهو احتراز من النوع الثاني من الشاذ والمنكر، والناتج عن المخالفة." السليماني، الجواهر، ٨٢.
(٢) سيأتي الحديث بالتفصيل عن المنكر في الفصل الخاص به بإذن الله.
(٣) ينظر مادة (نكر): الفراهيدي، العين، ٥/ ٣٥٥، ابن فارس، المقاييس، ٥/ ٤٧٦، الرازي، المختار، ٣١٩، الفيروزآبادي، القاموس، ٤٨٧.

<<  <   >  >>