للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمنكر في الاصطلاح: عند ابن الصلاح بمعنى الشاذ حيث قال: "المنكر ينقسم قسمين على ما ذكرناه في الشاذ؛ فإنه بمعناه" (١).

أما ابن حجر فقد عرّف الشاذ ثم أتبعه بتعريف المنكر فقال: " وإن وقعت المخالفة مع الضعف؛ فالراجح يقال له: المعروف، ومقابله يقال له: المنكر" (٢)، فالمنكر عنده: ما رواه الضعيف مخالفاً به من هو أولى منه.

وأشار كذلك إلى الإطلاقات الأخرى للمنكر، ومنها: إطلاقهم المنكر على مجرد التفرد، إلا أنه ذكر معياراً لذلك فقال: "حيث لا يكون المتفرد في وزن من يُحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده" (٣)، ويُشير بذلك إلى اختلاف الحكم بالنسبة للحديث الفرد، فليس كل تفرد منكر (٤)، ثم أعقب كلامه ببيان موطن الاختلاف بين المنكر والشاذ فقال:

"وإنما اختلافهما في مراتب الرواة، فالصدوق إذا تفرد بشيء لا متابع له ولا شاهد، ولم يكن عنده من الضبط ما يشترط في حد الصحيح والحسن، فهذا أحد قسمي الشاذ، فإن خولف من هذه صفته مع ذلك كان أشد في شذوذه، وربما سماه بعضهم منكراً، وإن بلغ تلك الرتبة في الضبط، لكنه خالف من هو أرجح منه في الثقة والضبط، فهذا القسم الثاني من الشاذ وهو المعتمد في تسميته.

وأما انفرد المستورُ، أو الموصوفُ بسوء الحفظ، أو المضعفُ في بعض مشايخه دون بعض، بشيء لا متابعَ له ولا شاهدَ، فهذا أحد قسمي المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث.

وإن خولف في ذلك، فهو القسم الثاني وهو المعتمد على رأي الأكثرين.


(١) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٨٠."أحدهما: الحديث الفرد المخالف، والثاني: الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابراً لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف".
(٢) ابن حجر، النزهة، ٨٦.
(٣) ابن حجر، النكت، ٢/ ٦٧٤.
(٤) سيأتي الحديث عن الفرد، وأنواع الأفراد بإذن الله في فصل مستقل.

<<  <   >  >>