للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبان بهذا فصل المنكر من الشاذ وأن كلا منهما قسمان يجمعهما مطلق التفرد أو مع قيد المخالفة، والله أعلم". (١)

وخلاصة كلامه: أن الراوي الصدوق إذا كان ضبطه في مرتبة رواة الصحيح والحسن، ثم خالف من هو أرجح منه فيُحكم على روايته بالشذوذ، وهذا هو المعتمد في تسمية الشاذ.

وإذا كان ضبط الراوي الصدوق أقل مما يُشترط في الصحيح أو الحسن ثم تفرّد بالرواية، فروايته شاذة على قول، فإن خالف هذا الراوي من هو أولى منه كان شذوذه أشد، وهناك من يحكم بالنكارة على هذه الرواية. (٢)

أما الراوي الضعيف في بعض شيوخه أو الموصوف بسوء الحفظ (٣) أو المستور-بمعناه عند ابن حجر (٤) - إذا تفرّد بالرواية، فروايته منكرة على قول كثير من أهل الحديث، وإذا خالف بروايته من هو أولى منه، فهذا هو القسم الثاني من المنكر، وهو المعتمد عند الأكثرين.

ويظهر من كلام ابن حجر- رحمه الله- أن الراوي كلما نزلت مرتبته عن الرواة المتقنين-رواة الصحيح والحسن- وضعف ضبطه، كان المعتمد عند الأكثر إطلاق النكارة على تفرده أو مخالفته؛ لذا فرّق بين رواة الشاذ والمنكر، فذكر أن المعتمد إطلاق الشاذ على رواية المقبول إذا خالف من هو أولى منه، وإطلاق النكارة على رواية الضعيف إذا وقعت منه المخالفة للأَولى.


(١) ابن حجر، المرجع السابق، ٢/ ٦٧٤ - ٦٧٥.
(٢) فهذا جزء مشترك - في إطلاقات العلماء- بين الشاذ والمنكر، يأتي تفصيله في كل من: الفصل الخاص بالشاذ، وكذلك الفصل الخاص بالمنكر، وبيان أوجه التداخل بينهما بإذن الله.
(٣) وقد أشار أيضاً إلى ان سوء حفظ الراوي "إن كان لازما للراوي في جميع حالاته فهو الشاذ، على رأي بعض أهل الحديث." ابن حجر، النزهة، ١٢٩.
(٤) والمستور عند ابن حجر مرادف لمجهول الحال، وهو: من روى عنه اثنان فصاعدا، ولم يوثق. ينظر: ابن حجر، المرجع السابق، ١٢٦.

<<  <   >  >>