للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالنظر إلى اشتراط السلامة من العلة في الحديث الحسن:

- فأمّا ما يخص الحسن لذاته-والذي يدخله بعضهم ضمن مراتب الصحيح، - فإن اشتراط خلوه من العلة تابع لاشتراط ذلك في الصحيح؛ لأن العلة تطعن في الصحة، واشتراط ذلك ظاهر أو مفهوم في تعريف ابن الصلاح ومن سبقه أو لحقه.

- وأما تعريف الحسن لغيره، والذي فيه ضعفٌ انجبر بالمعاضدة بمثله أو نحوه، فإن اشتراط خلوه من العلل قد يُلبِس من جهة اصطلاحهم بأن العلة تتطرق إلى الإسناد الذي ظاهره الصحة، بينما إسناد الحديث الحسن لغيره في أصله ضعيف، وإنما يكتسب القوة من الاعتضاد، وهذا الاعتضاد - كما جاء في قيد المعاضدة- قد يُخرج الحديث عن حيّز الضعف، وقد يُقويه قوة لا تخرجه عنه؛ لذا أجد أن اعتراض ابن حجر على اشتراط السلامة من العلة - في تعريف الحسن لغيره، والذي نُزِّل على تعريف الترمذي- وجيهاً، وأن الرد عليه بأن العلة حسب الاصطلاح رد ضعيف (١)؛ لأن نفي العلة بالمعنى الاصطلاحي غير متحقق في الحسن لغيره، حيث ظاهره الضعف، والعلة إنما تتطرق للحديث الذي ظاهره الصحة، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى: فإن نفي العلة بمعناها اللُّغوي - الذي يشمل كل ما يُمرض الحديث- غير ظاهر كذلك في الحديث الحسن لغيره؛ لأنه يُوصَف بكونه ضعيف ضعفاً منجبراً،

حيث يكون ضعفه إما بسبب الانقطاع في السند أو الإرسال أو سوء حفظ الراوي، ونحو ذلك، مما يُعده نقاد الحديث من العلل الظاهرة التي يُعلّ بها الحديث، وإن كان الاصطلاح قد استقرّ على حصر تعريف العلة بالعلل الخفية القادحة.


(١) ينظر: تعقّب محققيّ كتاب النكت على ابن الصلاح، سواء في طبعة الجامعة الإسلامية، ١/ ٤٠٧، أو طبعة الميمان، ٢٢٥.

<<  <   >  >>