للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الدكتور الدريس: "والذي أراه أن اشتراط نفي العلة لا يصلح في الحديث المعتضد بمثله، والُحسَّن بمجموع طرقه الضعيفة، وذلك لأن العلة ميدانها الحقيقي أحاديث الثقات المحتج بهم ولا أدلّ على ذلك من قولهم في تعريفها (مع أن الظاهر السلامة منها) والأحاديث المضعفة بسبب سوء حفظ رواتها أو جهالتهم أو لانقطاع في أسانيدها يُعدّ السبب القادح فيها ظاهراً وليس غامضاً أو خفياً" (١)

فاشتراط نفي العلة عن الحسن لغيره غير متوجّه على المعنى الاصطلاحي للعلة ولا على المعنى العام لها؛ ولعل ذلك هو الذي حذا بابن حجر - رحمه الله- بأن يعترض على اشتراط الخلو من العلة في حدّ الحسن لغيره، ويرى أن اشتراط الضعف المحتمل فيه كافٍ عن اشتراط نفي العلة، والله أعلم.

نخلص مما سبق:

العلة ذات مدلول واسع عند الأئمة المتقدمين، فكل قادح في صحة الحديث سواء كان ظاهراً أم خفياً يُعتبر مما يُعِلُّ الحديث ويضعفه، وإن استقرّ اصطلاح المتأخرين على تضييق مدلول العلة؛ لتكون خاصة بالسبب الخفي الذي يقدح في بعض الروايات التي ظاهرها الصحة (٢).

وبالنظر إلى اشتراط سلامة الحديث الحسن من العلة، فسواء أُريد بها المعنى الاصطلاحي أو المعنى العام، فذلك متوجه إلى القسم الموسوم بالحُسن لذاته، والذي هو من أدنى مراتب الصحيح، ويُشكل اشتراط نفيها في الحسن لغيره، إذ أنه من الضعيف المُنجبر، والعلة في الاصطلاح إنما تتطرق للأحاديث التي ظاهرها الصحة، والحديث هنا ضعيف جُبر بالمتابعة والمعاضدة بمثله، وقد سبق معنا - في قيد المعاضدة- أن المعاضدة


(١) الدريس، الحديث الحسن، ٥/ ٢١٩٨ - ٢١٩٩.
(٢) سيأتي مزيد تفصيل في الفصل الخاص بالحديث المعلل بإذن الله.

<<  <   >  >>