للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد امتثل الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - لما جاء في الكتاب والسنة من الأمر بالتثبت في نقل الأخبار، والتدقيق فيها، والسؤال عن إسناد الخبر ونقلته، واسّتنَّ بهم من جاء بعدهم من السلف الصالح خاصةً بعد وقوع الفتن بين المسلمين، وظهور أهل الأهواء والبدع- فكانوا لا يأخذون الحديث إلا من أهل الحق والصدق.

فقد أسند الإمام مسلم إلى التابعي الجليل محمد بن سيرين (١) قوله: (إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم) (٢)، وأسند عنه أيضاً قوله: (لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة، قالوا: سموا لنا رجالكم، فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم) (٣)، "فقوله رحمه الله: (سمّوا لنا رجالكم) قاعدة أصيلة في طلب الإسناد والتفتيش عن الرواة، وقوله (فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ

حديثهم، ويُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم) قاعدة تؤسس لعلم الجرح والتعديل ودراسة الأسانيد." (٤)

"ومن أعظم القواعد التي يقوم عليها علم الحديث، قول الإمام ابن المبارك (٥) رحمه الله:


(١) محمد بن سيرين مات سنة: ١١٠ هـ. المراجع: ينظر: الذهبي، الكاشف، ٢/ ١٧٨ (٤٨٩٨)، ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، ٤٨٣ (٥٩٤٧).
(٢) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه. ١/ ١٤.
(٣) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه، ١/ ١٥، والترمذي في آخر السنن (ويسمّى بالعلل الصغير)، ٦/ ٢٣٤ ح (٤٠٥٢).
(٤) آل عجين، المفيد في تقعيد علوم الحديث، ٢٨.
(٥) عبدالله بن المبارك بن واضح الحنظلى التميمى مولاهم، أبو عبدالرحمن المروزي، قال الذهبي: "شيخ خراسان"، وقال ابن حجر: "ثقة ثبت فقيه عالم جواد مجاهد، جُمعت فيه خصال الخير"، مات سنة: ١٨١ هـ. ينظر: الذهبي، الكاشف، ١/ ٥٩١ (٢٩٣٥)، ابن حجر، التقريب، ٣٢٠ (٣٥٧٠).

<<  <   >  >>