للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء) (١) " (٢).

ومن فضل الله على هذه الأمّة أن هيّأ لها من يقوم بواجب الدفاع عن الدين، والذَّبِّ عن سنة المصطفى الأمين - صلى الله عليه وسلم - من العلماء الجهابذة النقّاد، والذين تصدّوا لأهل الأهواء، وميّزوا بين صحيح المرويات وسقيمها، ووضعوا لذلك ضوابط وشروطاً، يتذاكرونها ويتناقلونها مشافهةً فيما بينهم، وتحفظها صدورهم، وكان منهم من سجّل شيئاً من هذه القواعد ممزوجاً بغيره من علوم الشريعة، "فبدأ تدوين مبادئ هذا العلم، وتسجيل مسائله:

ببدء تدوين التاريخ للرجال والتصنيف للحديث في الكتب، وكان قبل ذلك محفوظاً في الصدور متردداً على الألسنة" (٣).

فكان ما كتبه الشافعي (ت ٢٠٤ هـ) في (الرسالة) (٤) - من مباحث تتضمن شروط الحديث الصحيح، وشروط الراوي العدل، وحجية خبر الآحاد، ونحو ذلك- "أول ما بلغنا من علوم الحديث مدوناً في كتاب (٥)، و"خلال القرن الثالث اتضحت معالم هذا العلم، بما ذُكِر من مسائله في كتب الرجال، أو في كتب الحديث، أو في كتب مستقلّة ذات موضوع واحد،


(١) أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه، ١/ ١٥، والترمذي في آخر السنن، ٦/ ٢٣٥ ح (٤٠٥٣).
(٢) آل عجين، المرجع السابق، ٢٩.
"الإسناد، وتاريخ الرواة والرجال، ونقد الرواة وبيان حالهم من تزكية وجرح، وسبر متن الحديث ومعناه، وعلم الجرح والتعديل، هي شعب كبرى من (علم مصطلح الحديث) فهو المَقسِم العام، وتلك أقسام منه." أبو غدّة، ١٠٠ - ١٠١.
(٣) أبو غدّة، المرجع السابق، ١٠١.
(٤) ينظر: الشافعي، الرسالة، ٣٧٠ - ٣٨٠، ٤٠١، ٤٦١ - ٤٦٤، "ولعل تأليف الإمام الشافعي رحمه الله لكتاب (الرسالة) كان نقطة تحوّل في التقعيد الحديثي حيث أنه أول من دوّن تلك القواعد". آل عجين، المفيد في التقعيد، ٣٠.
(٥) عتر، منهج النقد، ٦١، ينظر: أبو غدّة، تاريخ السنة، ١٠٦.

<<  <   >  >>