للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمراد بالفسق هنا: الفسق العملي أي بالقول أو الفعل، أما الفسق بالمعتقد فهو داخل في الابتداع، وأكثر ما تُستعمل البدعة في الاعتقاد. والكذب وإن كان داخلا في الفسق العملي لكنهم عدوه أصلا على حدة، وأفردوه بالذكر في أولى مراتب الطعن في عدالة الراوي؛ لكون الطعن به أشد وأغلظ. (١)

وخبر الفاسق بارتكاب الكبائر والخروج عن طاعة الله تعالى لا يُقبل، وإن لم يظهر عليه الكذب، لأنه لا يؤمن أن يقع فيه حيث إنه مستهتر بمقام ربه، قد هتك الستر بينه وبينه والعياذ بالله، ولأن النصوص قد نهت عن قبول خبره بمجرد الفسق. إلا إذا أقلع عن ذنبه وتاب توبة نصوحا تبدل ما كان من حاله، إلى حال التقى فإنه يقبل خبره وتعود عدالته؛

لقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (٢). أما من لم يقع في الكبيرة، ولا عرف بالإصرار والاستهتار في الصغائر، فإنه يقبل حديثه، ويغتفر له ما قد يبدو منه من الهفوات، ويوهب نقصه لفضله. (٣)

الرابع: طعن الراوي ووصفه بالجهالة:


(١) ينظر: ابن حجر، النزهة، ١٠٧، الدهلوي، أصول الحديث، ٦٥.
مثال الرواة الموصوفين بالفسق: قال الذهبي في الميزان: "محمد بن عمر، أبو بكر الجعابى الحافظ من أئمة هذا الشأن ببغداد، على رأس الخمسين وثلثمائة، إلا أنه فاسق رقيق الدين". الذهبي، الميزان، ٣/ ٦٧٠ (٨٠٠٦).
(٢) سورة الفرقان، الآية: ٧٠
(٣) ينظر: عتر، منهج النقد، ٨١ - ٨٢. بتصرف يسير.

<<  <   >  >>