وقد لخّص أثر الجهالة في الحكم على الرواية في النقاط التالية: ١ - جماهير المحدثين على رد حديث مجهول العين وعدم الاحتجاج به؛ لفقدان شرط العدالة والضبط في راويه. ٢ - العدالة والضبط لا يثبتان عند جمهور المحدثين إلا بمُثبتٍ، والراجح أن الأصل في الراوي التوقف حتى تثبت عدالته وضبطه، ولا يقال: الأصل فيه الفسق. ٣ - جمهور المحدثين لا يحتجون بحديث مجهول الحال ما لم ترتفع جهالته من طريق معتبر. ٤ - نص كثير من محققي المحدثين على قبول حديث المستور؛ لوجود مرجح لكفَّة العدالة على كفَّة الجرح، وهو العلم بسلامة الظاهر، ولا ينبغي العدول عن هذا الظن الغالب إلا بدليل. ٥ - على القول بقبول حديث المستور فإنه لا يُعامل معاملة الراوي الثقة المعروف، ولا يُعارض بحديثه الأحاديث الصحيحة نظيفة الإسناد مشهورة الرجال. ٦ - يحكم المحدثون على حديث الراوي المجهول بالقبول إذا كان موافقا للثقات، ويحكمون عليه بالرد والبطلان إذا خالف الثقات أو تفرّد بما يُنكر عليه. ٧ - محل الخلاف في حديث المجهول هو حالة تفرّده بما لا يظهر فيه مخالفة للثقات، ولم يتضمن المروي ما ينكر عليه سنداً ومتناً، وكان محتملاً. ٨ - حديث مجهول العين ليس بشديد الضعف، وهو صالح للاعتبار والتقوية إذا وجد له ما يقويه. ٩ - الأصل في الجهالة ألا تصنف في العلل لكونها من أسباب الضعف الظاهرة في الحديث، لكن المحدثين ربما توسعوا فأطلقوا العلة على كل سبب قادح ومنها الجهالة" حمام، المرجع السابق، ٢/ ٨٨٣ - ٨٨٤. (٢) يرى الدكتور خلدون الأحدب أن الجرح بالتبديع يلي في شدته الجرح بالكذب في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لاتصاله بعقيدة المرء، وأن التهمة به تستلزم التمحيص والتثبت. إلا أن ترتيب ابن حجر لمسببات الطعن في الراوي حسب الأشد جعل الفسق العملي (بالقول أو الفعل) في مرتبة أشد، ورواية الفاسق جعلها ضمن المنكر المردود بلا خلاف، حيث قال الإمام مسلم في مقدمة صحيحه: "خبر الفاسق غير مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جميعهم". بينما جعل الفسق الاعتقادي (البدعة) أخف في التجريح من الفسق العملي، وذكر اختلاف النقاد في رواية المبتدع بين القبول والرد. المراجع: الأحدب، أسباب اختلاف المحدثين ٢/ ٤٨٧. ينظر: مسلم، صحيح مسلم، ١/ ٨، ابن حجر، النزهة، ١٠٦ - ١٢٨، الخضير، الضعيف، ١٥٥ - ١٥٦. (٣) ينظر: ابن فارس، المقاييس، ١/ ٢٠٩، ابن منظور، اللسان، ٨/ ٦.