للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأصح، فيُعمَل بالراجح ولا يُعمَل بالمرجوح ; لأجل معارضته له، لا لكونه لم تصح طريقه.

ولا يلزم من ذلك الحكم عليه بالضعف، وإنما غايته أن يتوقف عن العمل به ... " (١)

ثم أردف ذلك بقوله: "وبالجملة فالشذوذ سبب للترك إما صحة أو عملا، بخلاف العلة القادحة; كالإرسال الخفي (فتوذي) لوجودها الصحة الظاهرة، ويمتنع معها الحكم والعمل معا." (٢)

ويمكن صياغة المراد بالشذوذ المردود -ويدخل ضمنها النكارة (٣) - بأنه: تفرّد الراوي بما لا يُحتمل منه، أو مخالفته لمن هو أولى منه وتعذّر الجمع بينهما، فمتى وجد من الراوي

تفرّد لا يُحتمل منه (٤)، أو خالف في روايته من هو أولى منه حفظاً وإتقاناً أو عدداً، وتعذّر الجمع بين الروايتين، ضُعِّفت روايته ورُدّت لشذوذها أو نكارتها، ولم تقبل الانجبار؛ لأن الوصف بالشذوذ أو النكارة المردودين من أنواع الضعف الشديد الذي لا ينجبر.

"ويدخل في المعارضة التي يُرد بها الحديث الضعيف ولو اُعتضد بغيره أن يكون مُعارضاً لآية من كتاب الله أو لقاعدة من قواعد الشريعة المقررة أو لمقصد من مقاصد الشريعة العامة أو الخاصة، ولكن يجب أن يُطبّق ذلك بوسطية بعيدة عن الغلو والتكلف.


(١) السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٣١ - ٣٢.
(٢) السخاوي، المرجع السابق، ١/ ٣٢.
(٣) المنكر عند ابن الصلاح بمعنى الشاذ، بينما المنكر عند ابن حجر أشدّ ضعفاً من الشاذ. ينظر: ابن الصلاح، علوم الحديث، ٨٠، ابن حجر، النكت، ١/ ٢٣٧.
(٤) قال عمرو عبدالمنعم: "وقد أشار الإمام مسلم في مقدمة صحيحه إلى أن الإعلال بالتفرد إنما يكون بالقرائن الدالة على النكارة، لا بعموم مجرد التفرد، حيث قال: "وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عُرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد توافقها، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك، كان مهجور الحديث غير مقبوله." مسلم، مقدمة الصحيح، ١/ ٧، سليم، ما لا يسع المحدث جهله، ١٠٩.

<<  <   >  >>