للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغني عن القول أن تطبيق هذا الشرط يحتاج لأن يكون المعني به ذا حظ وافر من الفقه، ومن الخبرة بكتب مختلف الحديث ومشكله، وأن يعرف مناهج الأئمة وأساليبهم في الجمع والترجيح، وأن يفرق بين الجمع المتكلف وغيره، وبين الجمع الممكن والجمع اللازم، وعليه أن يعرف متى يقدم الترجيح على الجمع والعكس، ولا يتسنى ذلك إلا لمن رزقه الله الجمع بين الحديث والفقه مع طول الممارسة وتواصل الخبرة." (١)

نخلص مما سبق:

يعدّ الشذوذ المردود -ويدخل ضمن ذلك النكارة أيضاً- من مسالك الضعف إلى الحديث، ويمكن اختصار تعريفهما بأنه: تفرّد الراوي بما لا يُحتمل منه، أو مخالفته لمن هو أولى منه مع تعذّر الجمع بينهما.

فمتى وجد من الراوي تفرّد لا يُحتمل منه، أو خالف في روايته من هو أولى منه حفظاً وإتقاناً أو عدداً، وتعذّر الجمع بين الروايتين، ضُعِّفت روايته ورُدّت، ولم تقبل الانجبار؛ لشذوذها -وذلك في حال كون المُخالِف ثقة- أو نكارتها في حال كون المُخالِف ضعيفاً؛ لأن الوصف بالشذوذ أو النكارة المردودين من أنواع الضعف الشديد الذي لا ينجبر.

السبب السادس: وجود العلة (٢) القادحة في القبول:

العلة بشكل عام تُطلق على كل ما يقدح في صحة الحديث، وفي الاصطلاح على الخفي منها، والعلة الخفية تتطرق غالباً للأحاديث التي ظاهرها الصحة، فإذا ضُعِّف إسناد


(١) الدريس، الحسن، ٥/ ٢١٩٢.
(٢) سبق في فصل الصحيح وكذلك في الحسن بيان المراد بالعلة، وذلك في قيد نفي العلة في كل منهما، وسيأتي - بإذن الله- مزيد تفصيل وإيضاح في الفصل الخاص بالحديث المعلل.

<<  <   >  >>