للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويصدق على هذا المثال تعريف الحاكم للشاذ حيث قال: "وهذا الحديث شاذ الإسناد والمتن، إذ لم نقف له على علة، وليس عند الثوري, عن أبي الزبير هذا الحديث، ولا ذكر

أحد في حديث رفع اليدين أنه في صلاة الظهر، أو غيرها، ولا نعلم أحدا رواه عن أبي الزبير غير إبراهيم بن طهمان، وحده، تفرد به ... " (١)

فقد صرّح بأنه لم يقف على علة للحديث، لكن قوله: "وليس عند الثوري, عن أبي الزبير هذا الحديث، ولا ذكر أحد في حديث رفع اليدين أنه في صلاة الظهر، أو غيرها" يدل على ما انقدح في نفسه من وجود علة لكنها لم تظهر له.

"فالمعروف بين الحفاظ أن هذا الحديث هو من أفراد إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير، وليس في متنه ذكر صلاة الظهر (٢)، وقد تكلّم فيه الحفاظ أيضاً (٣).

فهذا الحديث يخالف ما يحفظه المحدثون من أن الحديث حديث ابن طهمان (٤) عن أبي الزبير، ويُخالف أيضاً في ذكر صلاة الظهر في متنه، فلم ترد في حديث آخر، وليست كذلك في حديث ابن طهمان المعروف بهذا الحديث.


(١) الحاكم، علوم الحديث، ١٢١.
(٢) تنبيه: العلة هنا في زيادة لفظ (صلاة الظهر)، وليس في حكم رفع اليدين عند التكبير، فهو ثابت بالسنة الصحيحة، ففي حديث ابن عمر - رضي الله عنهم -، قال: ((كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام للصلاة رفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه، ثم كبر، فإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك، وإذا رفع من الركوع فعل مثل ذلك، ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود)). أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأذان، باب رفع اليدين في التكبيرة، ١/ ١٤٨ ح (٧٣٥)، ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين مع تكبيرة الإحرام، والركوع، وفي الرفع من الركوع، ١/ ٢٩٢ ح (٣٩٠). كلاهما من حديث ابن عمر، واللفظ لمسلم.
(٣) نُقل عن الحافظ أحمد بن علي السليماني -في ترجمة إبراهيم بن طهمان- قوله: "أنكروا عليه حديثه عن أبي الزبير عن جابر في "رفع اليدين". الذهبي، الميزان، ١/ ٣٨ (١١٦)، ابن حجر، التهذيب، ١/ ١٣٠ (٢٣١)
(٤) من إضافات فضيلة المناقش: أخرجه ابن ماجه (٨٦٨) عن محمد بن يحيى، والسراج في مسنده (٩٢) عن أبي بكر الأعين، وابن عبدالبر في التمهيد (٩/ ٢١٧) من طريق أبي بكر الأثرم، ثلاثتهم (محمد بن يحيى، وأبو بكر الأعين، والأثرم) عن أبي حذيفة موسى بن مسعود النهدي، عن إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله: كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك ويقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل مثل ذلك، ورفع إبراهيم بن طهمان يديه إلى أذنيه.
وأخرج البخاري في رفع اليدين (١٠٩) عن عبدالله بن محمد، أخبرنا أبو عامر، حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير، عن طاوس، أن ابن عباس كان إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى تحاذي أذنيه، وإذا رفع رأسه من الركوع واستوى قائماً فعل مثل ذلك.
ورواية أبي عامر العقدي أصح؛ لكونه أوثق من أبي حذيفة، ولأن أبا حذيفة سلك الجادة.

<<  <   >  >>