للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالحديث ليس له أصل متابع عند المحدثين، أي لا يعرفونه، ولا يحفظونه بهذا السياق، وليس له متابعة، وحقُّ مثل هذا الحديث أن توجد له المتابعات لشهرة سفيان، وأبي الزبير.

وقد نُقل عن بعض الحفاظ تعليلهم الحديث بأن محمد بن كثير أخطأ فجعل سفيان الثوري مكان ابن طهمان، لكن الحاكم ردّ ذلك؛ لكون محمد بن كثير ليس له رواية عن ابن طهمان حتى يخلط بينه وبين الثوري، فالحاكم يُقرّ بوجود علّة فيه، لكنه لم يوافق على هذا التعليل." (١)

المثال الثالث: حديث أنس - رضي الله عنه - قال: ((كان قيس بن سعد - رضي الله عنه - من النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنزلة صاحب الشرط من الأمير)) (٢)، يعني ينظر في أموره ... ثم قال الحاكم: "وهذا الحديث شاذ بمرة، فإن رواته ثقات، وليس له أصل عن أنس، ولا عن غيره من الصحابة بإسناد آخر." (٣)

قال ابن حجر في النكت: "وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه من هذا الوجه، والحاكم موافق على صحته إلا أنه يسميه شاذاً، ولا مشاحة في التسمية" (٤). ولعل ما يدل


(١) حمام، التفرّد، ٣٥٢.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه كتاب الأحكام، باب الحاكم يحكم بالقتل على من وجب عليه دون الإمام الذي فوقه ٩/ ٦٥ ح (٧١٥٥)، والترمذي في سننه كتاب المناقب، باب ما جاء في مناقب قيس بن سعد بن عبادة ٦/ ١٧٣ ح (٣٨٥٠) وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث الأنصاري.
(٣) الحاكم، علوم الحديث، ١٢٢.
"لم يتلمس الحاكم علة لهذا الحديث، وكأنه - والله أعلم - رآه خالياً من الإشكال إلا التفرد؛ ولذلك لم يبحث في سنده عن علة كما بحث في المثالين السابقين وكأنه يشير بهذه الأمثلة إلى أن الشاذ منه ما هو مردود كالمثالين الأولين، وما هو مقبول كالمثال الثالث، والله أعلم.". اللحياني، الحديث الشاذ، ١٦.
(٤) ابن حجر، النكت، ٢/ ٦٧٠ - ٦٧١.
"حاول بعضهم الجواب عن الحاكم فقال إن مقتضى كلامه أن في الصحيح الشاذ وغير الشاذ، فلا يكون الشذوذ عنده منافيا للصحة مطلقا، ويدل على ذلك أنه ذكر في أمثلة الشاذ حديثا أخرجه البخاري في صحيحه من الوجه الذي حكم عليه بالشذوذ، ويؤيد ذلك ما ذكره الحاكم في الشاذ من أنه ينقدح في نفس الناقد أنه غلط ولا يقدر على إقامة الدليل على ذلك، وما في الصحيحين من ذلك ليس مما ينقدح في نفس الناقد أنه غلط." الجزائري، توجيه النظر، ١/ ٥١٣.

<<  <   >  >>