للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحاكم رحمه الله لم يفصح عن هذا التقسيم كما هو ظاهر، ولكن كلامه في كتاب المعرفة والمدخل وتصرفه في المستدرك يجعلنا نذهب هذا المذهب في فهم كلامه ومعرفة مصطلحه.

وهذا يعني أن الشاذ عند الحاكم هو الحديث الذي وقع فيه تفرد الثقة بأصل لم يتابع عليه.

وهو قسمان:

١ - شاذ مقبول وهو ما يرادف الغريب عنده، وهو ما تفرد به الثقة ولم ينقدح في نفس العارف لهذا العلم أن به علة.

وهذا النوع هو الذي صحح الحاكم أمثاله في المستدرك مع النص على شذوذه.

فمن ذلك قوله في حديث: "إسناده صحيح رواته عن آخرهم ثقات إلا أنه شاذ بمرة" (١).

ومنه أيضاً قوله في حديث آخر: "هذا حديث شاذ صحيح الإسناد" (٢).

وعلى هذا يحمل قوله: "ولعل متوهماً يتوهم أن هذا متن شاذ، فلينظر في الكتابين ليجد من المتون الشاذة، التي ليس لها إلا إسناد واحد، ما يتعجب منه، ثم ليقس هذا عليها" (٣).

٢ - شاذ مردود، وهو الحديث الذي يتفرد به ثقة، مع اشتماله على علة، لم يقف عليها الناقد.

وعلى هذا يحمل المثال الأول والثاني اللذان ذكرهما الحاكم للشاذ." (٤)

وممن قال كذلك بأن المراد بالشذوذ هو التفرّد: الخليلي -وهو تلميذ الحاكم- وذلك في كتابه الإرشاد، ولم يقيّد التفرّد بالثقة بل جعله مُطلقاً؛ ليشمل الثقة وغيره، فقال: "الذي


(١) ينظر: الحاكم، المستدرك، ١/ ٢٨٩ ح (٦٤٢).
(٢) المرجع السابق، ١/ ٤١٢ ح (١٠٢٧).
(٣) المرجع السابق، ١/ ٧٠ ح (٥٢).
(٤) اللحياني، الحديث الشاذ، ١٦ - ١٧.

<<  <   >  >>