للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضاً: إذا روى الثقة من طريق صحيح عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثاً لا يُصاب إلا عند الرجل الواحد لم يضره أن لا يرويه غيره إذا كان متن الحديث معروفاً، ولا يكون منكراً ولا معلولاً.

وقال في حديث رواه عمرو بن عاصم (١) عن همام عن إسحاق بن أبي طلحة (٢) عن أنس أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - ((إني أصبت حداً فأقمه عليَّ ... )) (٣) الحديث: هذا عندي حديث منكر، وهو عندي وهم من عمرو بن عاصم.

ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه أنه قال: هذا حديث باطل بهذا الإسناد. (٤)

وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من هذا الوجه. وخرج مسلم (٥) معناه أيضاً من حديث أبي أمامة (٦) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا شاهد لحديث أنس. (٧)


(١) عمرو بن عاصم بن عبيدالله بن الوازع الكلابي القيسي، أبو عثمان البصري، الحافظ، قال: كتبت عن حماد بن سلمة بضعة عشر ألفاً، وقال ابن حجر: "صدوق في حفظه شيء"، مات سنة: ٢١٣ هـ. ينظر: الذهبي، الكاشف، ٢/ ٨٠ (٤١٧٧)، ابن حجر، التقريب، ٤٢٣ (٥٠٥٥).
(٢) إسحاق بن عبدالله بن أبى طلحة الأنصاري النجاري، أبو يحيى المدني، قال عنه الذهبي: حُجّة، وقال ابن حجر: ثقة حُجّة، مات سنة: ١٣٢ هـ وقيل: ١٣٤ هـ. ينظر: الذهبي، الكاشف، ١/ ٢٣٧ (٣٠٧)، ابن حجر، التقريب، ١٠١ (٣٦٧).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك كتاب الحدود، باب إذا أقر بالحد ولم يبين هل للإمام أن يستر عليه، ٨/ ١٦٦ ح (٦٨٢٣)، وأخرجه مسلم في صحيحه كتاب التوبة، باب قوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، ٤/ ٢١١٧ ح (٢٧٦٤).
(٤) ابن أبي حاتم، العلل، ٤/ ٢٠١ - ٢٠٢ ح (١٣٦٤).
"فكلام أبي حاتم يدل على أن وهم عمرو بن عاصم كان بسبب مخالفة من روى الحديث بغير هذا الإسناد، والله أعلم." السليماني، الجواهر، ٣٦٤.
(٥) وأخرجه مسلم من حديث أبي أمامة في صحيحه كتاب التوبة، باب قوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، ٤/ ٢١١٧ ح (٢٧٦٥).
(٦) صُديّ بن عجلان بن وهب، أبو أمامة الباهلي، صحابي جليل مشهور بكنيته، مات سنة ٨٦ هـ. ينظر: ابن عبدالبر، الاستيعاب، ٣٤٨ (١٢٢٧)، ابن الأثير، أُسد الغابة، ٣/ ١٥ (٢٤٩٧)، ابن حجر، الإصابة، ٥/ ٢٤١ (٤٠٨١).
(٧) ولأن الحديث مخرّج في الصحيحين، وله شاهد كذلك من حديث أبي أمامة الذي أخرجه مسلم في صحيحه، استدرك ابن حجر على البرديجي وصفه الحديث بالمنكر فقال: "لم يبين وجه الوهم، وأما إطلاقه كونه منكرا فعلى طريقته في تسمية ما ينفرد به الراوي منكرا إذا لم يكن له متابع؛ لكن يجاب بأنه وإن لم يوجد لهمام ولا لعمرو بن عاصم فيه متابع فشاهده حديث أبي أمامة الذي أشرت إليه ومن ثم أخرجه مسلم عقبه، والله أعلم". ابن حجر، الفتح، ١٢/ ١٣٤.
من استدراكات فضيلة المناقش: بل الحديث مخرّج في الصحيحين من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - وهو الأصل، ولذلك صدّر به مسلم هذا الباب، ثم أتبعه بحديث أنس الذي تفرّد به عمرو بن عاصم، وهو أقوى من حديث أبي أمامة الذي هو آخر هذه الأحاديث.

<<  <   >  >>