للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

علو مرتبته في الحفظ - مالم تكن هناك قرينة تدل على خطئه- فقال: "الثقة الحافظ إذا انفرد بأحاديث كان أرفع له، وأكمل لرُتْبَته، وأدل على اعتنائه بعلم الأثر، وضَبْطه دون أقرانه لأشياء ما عرفوها، اللهم إلا أن يتبيّن غلَطُه ووهمُه [في] الشيء فيُعرف ذلك". (١)

ويُفهم من كلامه أن التفرّد مقبول من الثقات الحفاظ - ما لم يتبيّن خطؤه- فيُميّز النقاد ذلك، وإنما يُستنكر التفرد عادةً ممن هو دون الثقة المُتقِن، أي: في روايات الصدوق ومن دونه من الضعفاء، وإن كان الوصف بالنكارة أقل في تفردات الصدوق كما يُشير قوله: "وقد يُعدُّ مُفرَد الصدوق منكرا." (٢)

وكذلك نجد ابن الملقن قد اقتصر في تعريفه للمنكر - في كتابه (التذكرة) - على تفرّد الضعيف، فقال: "هو ما تفرد به واحد غير متقن ولا مشهور بالحفظ." (٣) واقتصاره هذا يوحي بتفريقه بين الشذوذ والنكارة، حيث خصّ معنى الشذوذ بمخالفة الثقة لغيره من الثقات (٤)، والنكارة بتفرّد الضعيف. (٥)


(١) الذهبي، الميزان، ٣/ ١٤٠.
(٢) الذهبي، الموقظة، ٤٢. "قوله (وقد): يفيد التقليل أو التردد. أي: إن تفرّد الصدوق في بعض الأحيان قد يكون منكراً." العوني، شرح الموقظة، ٩٣.
(٣) ابن الملقن، التذكرة، ١٧.
(٤) ينظر: المرجع السابق، ١٦.
(٥) ولعل تلميذه ابن حجر (ت ٨٥٢ هـ) تبعه في ذلك حين صرّح بالتفريق بين الشاذ والمنكر. ينظر: ابن حجر، النزهة، ٨٧، ابن حجر، النكت، ٢/ ٦٧٥، السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٥٠.

<<  <   >  >>