للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكذلك ابن جماعة اقتصر في تعريفه للمنكر على الشق الخاص بتفرّد الضعيف (١)، والذهبي اقتصر في تعريفه للمنكر على الشِقِّ الخاص بتفرد الضعيف، وأضاف إليه بعض تفردات الصدوق، فقال: "المنكر: وهو ما انفرد الراوي الضعيف به. وقد يُعدُّ مُفرَد الصدوق منكرا" (٢)، بينما كان تعريفه للشاذ بأنه: "هو ما خالف راويه الثقات، أو ما انفرد به من لا يحتمل حاله قبول تفرده".

وما ذهب إليه الذهبي يُلمح إلى نوع تداخل بين الشاذ والمنكر، وأن أحدهما قد يغلب عليه جانب دون آخر مع وجود حيّز كبير يشتركان فيه، فنجدهما يجتمعان - حسب تعريفه- في تفرد من لا يُحتمل تفرّده، بينما يغلب إطلاق المنكر على تفرّد الضعيف، وقليل من تفردات الصدوق، وينفرد الشاذ بمخالفة الثقة لمن هو أولى منه، وأما ما يخص تفرد الثقة، فهو صحيحٌ عنده حيث قال: "وإن تفرد الثقة المتقن يعد صحيحا غريبا، وإن

تفرد الصدوق ومن دونه يعد منكراً" (٣)، بل نجده يُصرّح بأن التفرّد من الثقة الحافظ دليل


(١) ابن جماعة، المنهل، ١٣٦. "وكأن ابن جماعة يحصر المنكر بأحد صورتيه عند ابن الصلاح، وهو تفرّد الضعيف غير المحتمل" حمام، التفرد، ٤٣٧.
(٢) الذهبي، الموقظة، ٤٢.
"فكلامه عام يشمل كل ما ينفرد به الضعيف، سواء كان تفرداً نسبياً مخالفاً لغيره، أو كان تفرداً مطلقاً ممن لا يحتمله حاله؛ بل حتى بعض روايات الصدوق الأفراد تدخل في المنكر بحسب كلام الذهبي". حمام، التفرد، ٤٣٨.
(٣) الذهبي، الميزان، ٣/ ١٤٠ - ١٤١.
وقد بيّن في كتابه الموقظة أقسام الرواة من حيث تفرّدهم. ينظر: الذهبي، الموقظة، ٧٧ - ٧٨.
"والذي يظهر من كلامه رحمه الله أنه بناه على الاستقراء، وقد أشار في عبارته السابقة إلى مجموعة من القرائن التي تؤثر على التفرد فتكسبه صفة القبول، أو الرد. وجملة القرائن التي أشار إليها: (قوة الحفظ والوثاقة- الفقه والمعرفة- كثرة الطلب والملازمة- علو الطبقة). ولب قوله رحمه الله أن التفرد يُقبل من الثقات إذا ما احتفت قرائن تؤكد أن الثقة ضبط روايته هذه، ولم يدخلها الوهم والخطأ ... وإذا غلَّبت القرائن جانب وهم الثقة أو خطئه كان حديثه منكراً ... ". السلمي، المنكر، ١/ ٥٢.

<<  <   >  >>