للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصطلح زيادة الثقة له ارتباط وثيق بالتفرّد والأفراد، (١) فهو صورة من صور التفرّد، وفرع من فروعه، "بل علاقته به علاقة العموم بالخصوص، إذ التفرّد أعم، ومن صوره زيادة الثقة" (٢)؛ ولعل هذا ما دعا ابن كثير - رحمه الله- في اختصاره لكتاب ابن الصلاح أن يقدّم نوع الأفراد ثم يتبعه بنوع زيادة الثقة (٣) - وذلك على خلاف ترتيب الأنواع عند ابن الصلاح- وقد احتذيتُ صنيع ابن كثير في ذلك فقدّمت الكلام عن التفرّد والأفراد في الفصل الماضي ثم أتبعته بزيادة الثقة.

وبالنظر في كتب الحديث وعلومه نجد أن "معظم كتب المصطلح، وبخاصة القديمة منها لم تهتم بتعريف زيادة الثقة، وإنما اقتصرت على بيان حكم هذه الزيادات؛ وذلك لوضوحها في أذهان الحفاظ والمحدثين، وأهل هذا الشأن" (٤).

وكان ممن جاء قبل ابن الصلاح من أفردها بالذكر، ومثّل لها تحت نوع مستقل كالإمام الحاكم، أو ذكر حكمها تحت باب مستقل كالخطيب البغدادي كما سيأتي تفصيله.


(١) سيأتي معنا أن الميانشي عرّف الفرد ومثّل له بزيادة الثقة.
(٢) زهار، التفرد، ٢٢٣، ينظر: حمام، التفرد، ٥١١.
وذكر الجديع في كتابه التحرير: أن الثقة يزيد أحاديث يحفظها لا يرويها غيره، أو يشارك غيره في رواية حديث، لكنه يزيد فيه ما لم يأت به غيره في إسناده أو متنه.
فهذان نوعان، فأما الأول فليس مراداً هنا، إذ هو في أفراد الثقات التي يتميز بها الراوي عن غيره، وهي الأكثر في روايات الأحاديث الصحيحة، لا يكاد ثقة يخلو من أن يأتي بالشيء الذي لا يرويه غيره، خصوصاً أولئك الحفاظ الذين أكثروا رواية الحديث والاعتناء به ... وأما النوع الثاني فهو المراد بهذه المسألة. ينظر: الجديع، التحرير، ٢/ ١٠٢٢ باختصار.
(٣) ينظر: ابن كثير، الاختصار، ٢٧، قال في خطبة كتابه: "ونحن نرتب ما نذكره على ما هو الأنسب".
(٤) حمام، التفرد، ٥١١ - ٥١٢.

<<  <   >  >>