للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والتعليل بعدم سماع الراوي ممن فوقه أمر خفي كذلك؛ لأنهم يعلون به في خبر يتوهم فيه سماع الراوي ممن فوقه، بل قد يختلفون فيه مما يدل على شدة الخفاء في ذلك، وهم لا يقولون هذا تخميناً، مع علمهم أن الراوي أدرك من روى عنه لكنه قد لا يكون سمع منه مطلقاً أو لم يسمع منه خبراً من الأخبار وهذا لا يدركه إلا جهابذة النقاد من أهل المعرفة والحفظ." (١)

ويلاحظ أيضاً:

"أن الخطأ في رواية الثقة أشد غموضا من الخطأ في رواية الضعيف، لأن الأصل في رواية الثقة الصواب والخطأ طارئ - فالقلب من حيث الأساس - مطمئن إلى رواية الثقة. وليس كذلك رواية الضعيف، فالقلب غير مطمئن أساسا إليها فالأصل الحكم عليها بالخطأ والصواب طارئ.

ومع ذلك فإن معرفة الخطأ في رواية الضعيف ليس بالأمر السهل وذلك لأن الحكم عليه بالضعف أساساً يحتاج إلى متابعة روايته ومقارنتها برواية الثقات، فإن كثرت مخالفته لهم حكم بضعفه." (٢)

ولكون العلة مقيّدة بالخفاء والغموض، "فيستعان على إدراكها بتفرد الراوي وبمخالفة غيره له، مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم بغير ذلك، بحيث يغلب على ظنه ذلك، فيحكم به، أو يتردد فيتوقف فيه. وكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه." (٣)


(١) طوالبة، العلة، ٤٥٠.
(٢) الفحل، علل الحديث، ١٨ - ١٩.
(٣) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٩٠.

<<  <   >  >>