للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيهما: مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد المحدثين ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث." (١)

"فالأصل عند الاختلاف بين الروايات أن يجمع بينها برابط يزيل الاختلاف، فالترجيح إنما يصار إليه عند تعذر الجمع؛ لأن الجمع أولى منه إذا أمكن" (٢)، حيث قال الحافظ: "الجمع بين الروايتين أولى ولا سيما إذا كان الحديث واحداً والأصل عدم التعدد" (٣)، فإن تعذر الجمع انتقل إلى الترجيح، "ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر، ولا ضابط لها بالنسبة إلى جميع الأحاديث، بل كل حديث يقوم به ترجيح خاص لا يخفى على الممارس الفطن الذي أكثر من جمع الطرق." (٤)

وبالنظر إلى الكثير من أمثلة الأحاديث التي وصفت بالاضطراب في كتب الحديث وعلله، نجد أن عدداً من الأحاديث أُطلِق عليها وصف الاضطراب بالرغم من ترجيح بعض علماء الحديث ونقّاده لأحد الروايات، ففي دراسة أجراها أحد الباحثين (٥) جمع فيها مائة حديث وصف بالاضطراب في السنن الأربع، وباستقراء سريع لهذه الأمثلة، وجدت ما يلي: -


(١) ابن حجر، هدي الساري، ٣٤٨ - ٣٤٩.
(٢) بازمول، المقترب، ٤٤.
(٣) ابن حجر، تلخيص الحبير، ٣/ ٤٢٠.
(٤) ابن حجر، النكت، ٢/ ٧٧٨.
(٥) ينظر: بازمول، الحديث المضطرب، ٣١٢ - ٨٤٣، ينظر كذلك الأمثلة التي استعرضها الدكتور عداب الحمش من كتاب جامع الترمذي، فخلص إلى أن "حدّ الاضطراب عند الترمذي الحمش، الإمام الترمذي، ١/ ٣٥٦.

<<  <   >  >>