للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أما من جاء قبله - كقول الحاكم "معرفة المدرج في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كلام الصحابة، وتلخيص كلام غيره من كلامه - صلى الله عليه وسلم - ". (١) - فإن كلامه يشير إلى الغرض من بيان هذا النوع؛ ألا وهو حرص العلماء ونقاد الحديث في التمييز بين الأقوال ونسبتها إلى قائلها، إذ يلتبس أمر المدرج على من لا يعلم حقيقة الحال.

وأهل الحديث يُسمُّون هذا النوع (المُدرَج) يعنون أنه أدرج الراوي كلامه مع كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يُميِّز بينهما، أي: لا يبيِّن تلك الزيادة أنها من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من قوله نفسه، فتبقى مجهولة. (٢)

ونص الخطيب على اتصال الكلام المدرج بالخبر، فقال في بعض أقسام المدرج: (أحاديث وصلت متونها بقول رواتها وسيق الجميع سياقة واحدة)، وقال أيضاً: (فوصل بمتن يرويه الصحابي)، وقوله كذلك: (خالفهم في إسناده فأدرج الإسناد وحمل على الاتفاق)

ونصَّ على عدم التمييز في قسم آخر. (فلم يُبيِّن ذلك بل أدرج الحديث، وجعل جميعه بإسناد واحد).

وكذلك وصف ابن القطان المدرجَ بأنه: "كل كلام مسوق في السياق"، وسياق الكلام تتابعه (٣)، فلم يُفصل بينهما بفاصل يميّزه؛ لذا نجده أتبعه بقوله: "لا ينبغي أن يقبل ممن يقول: إنه مدرج إلا أن يجيء بحجة" (٤)، وقد ذكر العلماء عدداً من الأدلة والقرائن التي


(١) الحاكم، علوم الحديث، ٣٩.
(٢) ينظر: ابن الأثير، جامع الأصول، ١/ ١٠٥ - ١٠٦ بتصرف.
(٣) سياق الكلام تتابعه وأسلوبه الذي يجري عليه". المعجم الوسيط، ١/ ٤٦٥.
(٤) ثم أردف بقوله: " وهذا الباب معروف عند المحدثين، وقد وضعت فيه كتب."
ابن القطان، بيان الوهم، ٥/ ٣٨٧.

<<  <   >  >>