للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك نوع الحديث المقلوب، فقد ذكره ابن الصلاح بعد نوع الموضوع، في حين قمت في هذا البحث بتقديم الكلام على الحديث المقلوب وتأخير الموضوع، والذي هو شرّ أنواع الضعيف (١)، ووجدت لذلك سلفاً وهو الإمام بدر الدين (ابن جماعة) في كتابه المنهل الرويّ، فبالرغم من أنه مختصر من كتاب ابن الصلاح إلا أنه قال في مقدمته: "لم أزل حريصاً على تلخيص ألفاظه لنفسي، وتخليص خلاصة محصوله لتقريب مراجعتي له ودروسي، وترتيبه على ما هو أسهل عندي وأولى، وأخلى من الاعتراض عليه (وأجلى (" (٢).

أيضاً، فإن الحديث المقلوب مرتبط بالأنواع الحديثية السابقة خاصة المعلل، إذ أن من أنواع القلب - كما سيأتي- ما يقع سهواً من الراوي ووهماً، فمن هذه الجهة يكون نوعاً من المعلل، قال ابن حجر: "كل مقلوب لا يخرج عن كونه معللا أو شاذا؛ لأنه إنما يظهر أمره بجمع الطرق واعتبار بعضها ببعض ومعرفة من يوافق ممن يخالف فصار المقلوب أخص من المعلل والشاذ، والله أعلم." (٣)

أما من جهة وقوع القلب في الحديث عمداً، وقصد فاعله الإغراب (٤) فهو قسم من أقسام الموضوع (٥)، والذي سيأتي بيانه في الفصل التالي والأخير من هذا البحث.


(١) قال الخطابي: "فأما السقيم منه فعلى طبقات شرها الموضوع ثم المقلوب" معالم السنن، ١/ ٦.
(٢) المنهل الروي، ٢٥ ط دار الفكر تحقيق: محي الدين رمضان، ٦٠ ط غراس تحقيق: جاسم الفجي.
(٣) النكت، ٢/ ٨٧٤.
(٤) يقال: "أغرب على أقرانه الغوري، المصطلحات الحديثيّة، ١٣٦، ولقد سبق في فصل الأفراد بيان معنى الغريب والفرد.
(٥) ذكر ابن حجر أن أحد أسباب الوضع في الحديث هو: الإغراب لقصد الاشتهار. ينظر: ابن حجر، النزهة، ١١١.

<<  <   >  >>