للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبالبحث عن المراد بالحديث المقلوب عند علماء الحديث، نجد وصفهم لبعض الأحاديث بأنهما مقلوبة، كذلك جرحهم لبعض الرواة بكونهم ممن يقلب الأحاديث والأسانيد (١)، من ذلك ما جاء عن الإمام مسلم (ت ٢٦١ هـ) في مقدمة كتابه التمييز، حيث ذكر من بعض الأخطاء والأوهام التي تقع من الرواة- وإن كانوا ثقات-:

"أن يروي نفر من حفاظ الناس حدثنا عن مثل الزهري أو غيره من الأئمة بإسناد واحد ومتن واحد، مجتمعون على روايته في الإسناد والمتن، لا يختلفون فيه في معنى، فيرويه آخر سواهم عمن حدث عنه النفر الذين وصفناهم بعينه فيخالفهم في الإسناد أو يقلب المتن فيجعله بخلاف ما حكى من وصفنا من الحفاظ، فيعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد وإن كان حافظا". (٢)

ومن أكثر من جاء عنه جرح الرواة بقلب الأسانيد الإمام ابن حبان (ت ٣٥٤ هـ)، خاصة في كتابه المجروحين (٣)، فقد ذكر عشرين نوعاً من أنواع جرح الرواة الضعفاء، خصّ النوع العاشر منهم بقوله: "ومنهم من كان يقلب الأخبار، ويسوّي الأسانيد كخبرٍ مشهورٍ عن [سالم] يجعله عن نافع، وآخر لمالك يجعله عن عبيدالله بن عمر ونحو هذا" (٤)، وليس معنى ذلك أنه يقصر القلب على الإسناد فقط، بل جاء عنه أيضاً وصفه لأحاديث بالقلب في المتن، وفيهما معاً. (٥)


(١) ينظر: مبحث: (الأئمة الذين استعملوا في عباراتهم الوصف بالقلب) من بحث: محمد عمر بازمول، الحديث المقلوب تعريفه، فوائده، حكمه، والمصنفات فيه، ١٩٥ - ٢١٢.
(٢) التمييز، ١٧٢.
(٣) "كلامه في ذلك كثير جداً، لا تكاد تمر صفحات من كتابه المجروحين إلا وتجد له وصفاُ بالقلب أو السرقة! وهو أكثر أئمة الجرح والتعديل وصفاً بالقلب". المرجع السابق، ٢٠٥ - ٢٠٦.
(٤) ابن حبان، المجروحين، ١/ ٧٣ ط دار الوعي، ١/ ٧٢ ط دار الصميعي.
(٥) ينظر: المرجع السابق، ١/ ١٧١، ١٧٢، ١٣٥، ٣٥٨.

<<  <   >  >>