للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد أن ذكر ابن الصلاح مذاهب العلماء في الحديث الشاذ- وتعقّب واستدرك-؛ خلص - رحمه الله- إلى أن جعل الشاذ على قسمين، فقال: "الشاذ المردود قسمان: أحدهما: الحديث الفرد المخالف.

والثاني: الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابراً لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف." (١)

وقد سبق في تحرير قيد ضبط الرواة في الصحيح تضمّن تعريفات الأئمة لاشتراط الضبط في الراوي سواء: بالتنصيص على ذلك، أو بصنيعهم في تعليل الحديث أو تضعيفه أو نزوله عن رتبة الصحيح؛ لانخرام شرط ضبط راويه؛ وعليه فيخرج من حدّ الصحيح القسم الثاني الذي ذكره ابن الصلاح لنوعيّ الشذوذ وهو: - (الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط) - باشتراط ضبط الرواة أو تمامه (٢)، ويقتصر معنى الشذوذ المنفي في الصحيح على القسم الأول وهو: الفرد المخالف.


(١) المرجع السابق.
(٢) قال الزركشي في النكت: "هلا اكتفى بقوله: (الضابط) عن قوله: (ولا يكون شاذا)، لأن الضبط عبارة عن موافقة الثقات فيما يروونه، فإن خالفهم لم يكن ضابطا، وهذا معنى الشاذ؟
فالجواب عن ذلك: أن مخالفة الثقات على قسمين: غالبة، ونادرة. فمتى خالف الثقات فيما رواه غالبا لم يكن حافظاً، ومتى خالفهم نادراً ولو في حديث واحد كانت مخالفته شذوذا، فاحتاج المصنف أن يذكر في حد الصحيح السلامة من الشذوذ وكون الراوي ضابطا".
وقال نور الدين عتر: "والحقيقة أن نفي الشذوذ يتحقق بالشروط السابقة، لكنهم صرحوا بانتفائه؛ لأن الضبط ملكة عامة بالنسبة لجملة أحاديث الراوي، إلا أنه قد يحتمل أن يقع منه وهم في حديث ما، دون أن يفقد صفة الضبط لسائر حديثه، فهذا يخل بصحة الحديث الذي وهم فيه فقط، لذلك صرحوا بنفي الشذوذ." المراجع: الزركشي، النكت، ١/ ١٠٢، عتر، منهج النقد، ٢٤٣.

<<  <   >  >>