للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"من اقتصر على ما في كتابه فحدث به، ولم يزد فيه ولا ينقص منه ما يغير معناه، ورجع عما يخالف فيه بوقوف منه عن ذلك الحديث، أو عن الاسم الذي خولف فيه من الإسناد ولم يغيره، فلا يطرح حديثه ولا يكون ضارا ذلك له في حديثه؛ إذا لم يرزق من الحفظ والمعرفة بالحديث ما رزق غيره إذا اقتصر على كتابه، ولم يقبل التلقين (١)." (٢)

فما ذكره الحميدي يتضمن اشتراطه خلو حديث الراوي من المخالفة في المتن والإسناد لكيلا يُردّ، وإن لم يُسمّ ذلك شذوذاً.

أما مسلم فلم ينص على نفي الشذوذ - في مقدمة صحيحه- في حين أن ابن الصلاح قال: "شرط مسلم في صحيحه أن يكون الحديث متصل الإسناد بنقل الثقة عن الثقة من أوله إلى منتهاه سالما من الشذوذ ومن العلة وهذا هو حد الحديث الصحيح في نفس الأمر" (٣)، ولعله استنتج ذلك من صنيع الإمام مسلم في كتابه الصحيح، أو فهمه من مقدمته لكتاب التمييز؛ حيث أوضح الإمام مسلم أن المخالفة من الراوي- وإن كان حافظاً- لغيره من الرواة الحفّاظ؛ تنفي الصحة عن الحديث - وإن لم يسمّه شذوذاً- فقال: "فيُعلم حينئذ أن الصحيح من الروايتين ما حدث الجماعة من الحفاظ، دون الواحد المنفرد وإن كان حافظاً." (٤)


(١) التلقين في اللغة: التفهيم، والمتلقن المتفهم، وهو يقبل على ما يُفهِّمه من غير منازعة، ولا توقف.
وفي العرف: إلقاء كلام إلى الغير ابتداء، أو يكون ذلك عند غياب شيء مما يحدث به عنه فيتوقف، يدعي من يلقنه أن ذلك الذي لقنه له هو الذي غاب عنه، والتلقين في الحديث: وهو أن يلقن الشيء فيحدث به من غير أن يعلم أنه من حديثه.
فقبول كل ما يلقى من ذلك قادح في الراوي. ينظر: المراجع: العراقي، شرح التبصرة، ١/ ٣٦٦، البقاعي، النكت، ١/ ٥٨٣، ٢/ ١٧، السيوطي، التدريب، ١/ ٤٠١.
(٢) ابن أبي حاتم، الجرح، ٢/ ٢٧.
(٣) ابن الصلاح، صيانة مسلم، ٧٢.
(٤) ثم قال: "على هذا المذهب رأينا أهل العلم بالحديث يحكمون في الحديث، مثل شعبة وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد وعبدالرحمن بن مهدي وغيرهم من أئمة أهل العلم". مسلم، التمييز، ١٧٢.وكتابه مليء بذكر أمثلة على مخالفة الراوي (ثقة أو صدوق أو ضعيف) لغيره من الحفاظ في سند الحديث ومثنه، ومن أمثلة ذلك: =

<<  <   >  >>