للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يروي الثقات حديثاً مرسلاً , وينفرد به ثقة مسنداً. فالمسند صحيح, وحجة, ولا تضره علة الإرسال" (١).

من أجل ذلك عقّب ابن دقيق العيد على تعريف ابن الصلاح بقوله: "ولو قيل في هذا الحدِّ: الصحيح المجمع على صحته هو كذا وكذا إلى آخره لكان حسناً، لأَنَّ من لا يشترط

بعض هذه الشروط لا يحصر الصحيح في هذه الأوصاف. ومن شَرْطِ الحدِّ أن يكون جامعاً مانعاً." (٢)

أما من جاء بعد ابن الصلاح فقد نصّوا على نفي العلة ضمن حدّ الحديث الصحيح سوى من أجمل تعريفه، واقتصر على اشتراط السلامة من القدح أو الطعن كابن الملقن في التذكرة بينما نصّ على ذلك في المقنع كما سبق وأشرنا إلى ذلك في نفي الشذوذ.

نخلص مما سبق:

أن العلة بشكل عام هي كل ما يمرض الحديث ويُضعفه سواء كانت ظاهرة أم خفية، وبما أن نفي العلة جاء ضمن قيود الحديث الصحيح، والذي اُشترِط في حدّه شروط تخص الراوي والمروي من اشتراط العدالة والضبط واتصال السند ونحوه، فينصرف المعنى


(١) فمن أقسام الصحيح عند الخليلي في كتابه الإرشاد: صحيح متفق عليه، وصحيح معلول، وصحيح مختلف فيه. وذكر مثالا للصحيح المتفق عليه بما يرويه (رواة ثقات عدول)، ومثّل للصحيح المعلول بعلة لا تضرّه، وذكر أمثلة في حال خالف الثقة الثقات، وعدّها من العلل غير القادحة. وذكر على ذلك مثالا من صحيح البخاري حديث: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية ويثيب عليها)) - أخرجه في صحيحه كتاب الهبة، باب المكافأة في الهبة ٣/ ١٥٧ ح (٢٥٨٥) وقال: "لم يذكر وكيع، ومحاضر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة"- قال محقق كتاب التتبع للدارقطني -في خاتمة تحقيقه ضمن ثمرات البحث- يبيّن: "دقة نظر علمائنا رحمهم الله، بحيث إننا نقرأ في (صحيح البخاري) و (صحيح مسلم) أوقات كثيرة فما نتفطن لتلك العلل التي ربما أشار إليها صاحبا الصحيح، ومن الأمثلة على ذلك حديث: ((أن النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الهدية .. )) انتقده الدارقطني، وقد نبّه البخاري أن له علة، ولعلها غير قادحة عنده"
وصحيح مختلف فيه (ومراده ما اختلف الأئمة في تصحيحه؛ لاختلافهم في شروط الصحيح). ينظر: المراجع: الخليلي، الإرشاد، ١/ ١٥٧ - ١٦٣، الدارقطني، الإلزامات والتتبع، ٥٧٦.
(٢) ابن دقيق العيد، الاقتراح، ٥

<<  <   >  >>