للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المراد بالعلة هنا - على الأرجح- إلى ما قد يكون سبباً خفياً قادحاً في الصحة، "فالمحدثون إذا تكلموا عن العلة باعتبار أن خلو الحديث منها يعد قيدا لابد منه لتعريف الحديث الصحيح، فإنهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها المعنى الاصطلاحي الخاص، وهو: السبب الخفي القادح. وإذا تكلموا في نقد الحديث بشكل عام فإنهم في هذه الحالة يطلقون العلة ويريدون بها: السبب الذي يعل الحديث به: سواء كان خفيا أم ظاهرا قادحا أم غير قادح." (١)

ولا ريب أن صنيع الأئمة ونقّاد الحديث في مجمله يدل على اشتراطهم خلو الحديث الصحيح مما يُعلّه أو يقدح في صحته، وإن لم ينصّ بعضهم على هذا الشرط إلا أن صنيعه يثبت ذلك، وإنما وقع الاختلاف بينهم في بعض العلل من حيث كونها قادحة في

الصحة أو غير قادحة، ولعل ذلك هو الذي دعا بعضهم للجمع بين وصف الصحيح والعلة فأطلق (الصحيح المعلول).

وقد أشار ابن دقيق العيد إلى أن ما ذكره ابن الصلاح من قيود للحديث الصحيح إنما تنطبق على المجمع على صحته، وأن هناك من لا يشترط كل هذه القيود، (٢) فاقترح أن يقال - لكي يكون الحدّ جامعاً مانعاً-: "الصحيح المجمع على صحته هو كذا وكذا إلى آخره ... " (٣).


(١) فحل، أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء، ١٧.
(٢) لعله يقصد بالشروط التي لم يشترطها بعضهم: نفي الشذوذ والعلة؛ حيث ذكر أن مدار التعريف عند الأصوليين والفقهاء على عدالة الراوي وتيقّظه، وبعضهم يزيد قيد الاتصال.
(٣) ابن دقيق العيد، الاقتراح، ٥

<<  <   >  >>