للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هَذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (٣)} [يوسف:١ - ٣]، فقرأها عليه ثلاثًا، وضربه ثلاثًا، فقال له الرجل: مالي يا أميرَ المؤمنين؟! قال: أنت الذي نسخت كتاب دانيال (١)، قال: مُرْنِي بأَمرِك أَتَّبِعْهُ، قال: انطلق فامحه بالحميم (٢)، والصوف الأَبيض، ثم لا تقرَأهُ، ولا تُقْرِئهُ أَحَدًا من الناس، فلئن بلغني عنك أنك قرأته، أو أَقرأته أَحدًا من الناس لأُنهكنك عقوبة، ثم قال: اجلس، فجلس بين يديه، فقال: انطلقتُ أَنا فانتسختُ كتابًا من أَهل الكتاب، ثم جئت به في أَديم (٣)، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَا هَذَا فِي يَدِكَ يَا عُمَرُ؟ " قلت: يا رسولَ الله، كتاب نسختُهُ لنزداد به علمًا إلى علمنا، فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى احمرت وجنتاه، ثم نُوديَ ب (الصَّلاةُ جَامِعَة)، فقالت الأَنصار: أَغَضِب نبِيكُّم؟ السلاحَ السلاحَ، فجاءوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ أُؤييتُ جَوَامِعَ الْكَلِم، وَخَوَاتِيمَهُ، وَاخْتُصِرَ لِيَ اخْتِصَارًا، وَلَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نقِيَّةً، فَلَا تَهَوَّكُوا، وَلَا يَغُرَّنَكُمُ الْمُتَهَوِّكُونَ" (٤).

قال عمر: فقمتُ، فقُلتُ: "رضِيتُ بالله ربَّا، والإسلام دينَا، وبك رسولًا، ثم نَزَلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".

وروى الحافظ أَبو بكر الإسماعيلي بسنده عن جبير بن نفير: أَن رجلين كانا بحمص في خلافة عُمَرَ -رضي الله عنه- فأرسل إِليهما فيمن


(١) أحد أنبياء بني إسرائيل
(٢) الحميم: الماء الحار.
(٣) الأديم: الجلد.
(٤) المتهوك: المتحير الشاكُّ.

<<  <   >  >>