للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنبيه:

اعلم -رحمك الله تعالى- أن كون الشيء من أشراط الساعة لا يستلزم الحكم عليه بحكم تكليفي؛ فإن أشراط الساعة تشتمل على:

المحرم، والواجب، والمباح، والخير، والشر،

فالحكم التكليفي يؤخذ من دليل آخر؛ لأن النصوص الواردة في الفتن وأشراط الساعة قد تخبر بأمور واقعة لا محالة كونًا وقدرًا، لكنها محظورة شرعًا؛ كسفر المرأة بغير محرم -مثلًا- ممنوع شرعا، لكنه واقع قدرًا، كما في الحديث: "عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: بَيْنَا أَنَا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ فَشَكَا إِلَيْهِ الفَاقَةَ، ثُمَّ أَتَاهُ آخَرُ فَشَكَا إِلَيْهِ قَطْعَ السَّبِيلِ، فَقَالَ: «يَا عَدِيُّ، هَلْ رَأَيْتَ الحِيرَةَ؟» قُلْتُ: لَمْ أَرَهَا، وَقَدْ أُنْبِئْتُ عَنْهَا، قَالَ «فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ، لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ (١) تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ، حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لاَ تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ، - قُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِي فَأَيْنَ دُعَّارُ طَيِّئٍ الَّذِينَ قَدْ سَعَّرُوا البِلاَدَ؟ " الحديث (٢).


= الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى" الحديث؟ أي: أول الآيات التي ليست مألوفة، وهي مخالفة للعادات المستقرة، فطلوع الشمس من مغربها أول الآيات السماوية، وخروج الدابة أول الآيات الأرضية، وهما العلامة الأولى لتغيير أحوال الكون، وقرب قيام الساعة.
وأكثر الخلاف إنما هو في الأشراط الكبرى، أما الصغرى؟ فأكثرها يُعرف ترتيبه من خلال حدوث بعضها إثر بعض. وانظر: "المسيح المنتظر ونهاية العالم" ص (٨، ٩).
(١) الظعينة -هنا-: المرأة، انظر "النهاية" (٣/ ١٥٧).
(٢) رواه البخاري (٦/ ٤٥٠ - فتح)، والإمام أحمد (٤/ ٢٥٧).

<<  <   >  >>