للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مرت قرون كانوا خلالها السَّندانَ، حولتهم "وِلاية الفقيه" (١) إلى مِطرقة مؤثرة فعالة، وَوَدعوا الانتظارَ السلبي المُمِلَّ.

وكذلك فعلت "الصِّهْيَوْنيَّةُ السياسية" التي طورت مفهوم الانتظار السلبي عند اليهود، بل تمردت عليه، وقفزت منه إلى العمل الإيجابي (٢).

أما نحن -معشرَ المسلمينَ- فلسنا في حاجة إلى ابتداع منهج: ولا تعطوير مفهوم؛ لأن ديننا هو دين الحق، دين يُبغِض السلبية والسلبيين، ويكره القاعدين المتخاذلين، ويحث على الأخذ بالأسباب مع التوكل علىَ الملك الوهَّاب، ونحن في الحقيقة متخلفون عن ذروته السامية، وقمته السامقة، قال تعالى: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٠)} [الأنبياء: ١٠].

وإذا كانت "الانتصارات" قد أسكرت أعداءنا، وفَتَنَتْهم بباطلهم؛ فإن "الانكسارات" ينبغي أن توقظنا من سباتنا، وتفعلَ بنا ما تافعله الأحجار إذا ألقيت في الماء الراكد.

إن الإيمان بالغيب هو أقوى حافز ودافع للعمل في عالم الشهادة، وقد رأينا ذلك ماثلًا في واقع خير أجيال البشرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومَن تبعهم بإحسان؛ حيث لم يتخذوا من إيمانهم بأشراط الساعة تُكَأَةً يقعدون عليها بحجة انتظار تحققها في المستقبل، أفلم يَأنِ لنا أن نقوم بدور "المطرقة"، ونودِّعَ دور "السَّنْدانِ"؟ سؤال ينتظر الإجابة في زمن "الانتظار".


(١) انظر: نقد فكرة "ولاية الفقيه" في "أصول مذهب الشيعة" للدكتور ناصر القفاري، (٣/ ١٤٠٥ - ١٤٢٠)، و"نقد ولاية الفقيه" للشيخ محمد مال الله.
(٢) انظر: "خدعة هرمجدون" للمؤلف، نشر دار بلنسية -الرياض- ١٤٢٤ هـ.

<<  <   >  >>