للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في الإيمان؛ فلا يجوز له النظر في شيءٍ من ذلك، بخلاف الراسخ؛ فيجوز له ولا سيما عند الاحتياج إلى الرد على المخالف، ويدل على ذلك نقلُ الأئمة قديمًا وحديثًا من التوراة، وإلزامُهُمُ اليهودَ بالتصديق بمحمد -صلى الله عليه وسلم- بما يستخرجونه من كتابهم، ولولا اعتقادهم جوازَ النظر فيه لما فعلوه، وتواردوا عليه" (١).

وقال علَّامة الشام "محمد جمال الدين القاسمي" -رحمه الله تعالى- بعد بحث طويل عن وقوع التبديل في كتب أهل الكتاب: "وبالجملة فكتب الكتابيِّين كأقوالهم، لا يُعتمد عليها كلَّها؛ لظهور الكذب والتناقض فيها إلى اليوم، ولظهور تلفيقها؛ فهي ككتب القصص عندنا، فيها شيء من القرآن والسنة، ولكنه ممزوج بالأكاذيب والآراء المقتبسة من الأمم، ثم إن موافقة القرآن الكريم، أو الحديث الصحيح، لبعض ما في كتبهم دون بعض، تدل على أن الله -تعالى- بَين له حقَّ كلامهم من باطله، وصِدقَه من كَذِبِهِ، وهذا معنى قوله -تعالى-: {وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة: ٤٨].

قال بعضهم: "لا شيءَ يُعَوَّلُ عليه في صِحَّةِ بعضِ أقوالِ كُتُبِ اليهود دون بعض بعدما طَرَأَ عليها من الضياع، والتحريف، والخلط، إلا الوحي، وقد ثبتت نبوةُ محمد -صلى الله عليه وسلم- بالدلائل الساطعة، والآثار النافعة". انتهى؛ أي: فَعَلَى وحيه الْمُعَوَّل، فالحمد لله الذي وفقنا لاتباعه " (٢). اهـ.


(١) "فتح الباري"، (١٣/ ٥٢٥، ٥٢٦).
(٢) "محاسن التاويل"، (١/ ٥٠).

<<  <   >  >>