نقول: نعم يجوز ذلك، لكن البياضَ إذا اشتد صار بَرَصًا، فلماذا نبدأ من حيث انتهى بنا الشرع؟ ونجعل نقطة النهاية نقطة انطلاق إلى الإفراط في الاستدلال بالإسرائيليات، "والتمحور" حول كتبهم الْمُحَرَّفَةِ، الأمر الذي ينعكس سلبًا على ارتباط الناس بالقرآن الكريم، وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- والاعتماد عليهما في المحاججة.
إن من أسلحة "الصهيونية النصرانية" في حربها ضد الإسلام الترويجَ للتأويلات الباطلة لما لديهم من نبوءات، ومن خلال ذلك تمارس حربًا نفسية لتخذيل المسلمين، وتثبيط هممهم (١).
فأين ما نحن فيه الآن من "التطبيع مع الإسرائيليات"، وموقفنا "البارد" تجاهه من سلفنا الصالح الذين كانت الدماء تغلي في عروقِهِم إذا رأوا من ينشغل بهذه الكتب عن القرآن الكريم، كتابِ الله المعجزِ المهيمن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟
وما غَرَسَ في قلوبهم تلك الغيرةَ الأيمانيةَ على كتاب الله -عز وجل- إلا هَدْيُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذي وَرَدَ عنه أنه كان يغضب أشدَّ الغضب إذا وجد مِن أصحابه مَن يشتغل بكتب أهل الكتاب عن القرآن الكريم؛ فقد روى الإمام أحمد من طريق مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-: "أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فغضب، فقال: "أَمُتَهَوِّكُون فِيهَا يَا بْنَ الخطَّابِ؟ والَّذِي نَفْسِي بِيَدهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا نَقِيَّةً،
(١) انظر: "خُدعة هرمجدون" للمؤلف، نشر دار بلنسية، الرياض.