وفَرَّقُوا شملهم، وهُزِمُوا من بين أيديهم، فلم يلحقوهم؛ ولم يتبعوهم، خوفًا من غائلة مكرهم، وعملًا بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اتْرُكوا الترْكَ مَا تَرَكوكم ...... "(١).
خامسًا: فتح باب الأمل، والاستبشار بحسن العاقبة لأهل الإيمان، إذا ادْلَهَمَّتِ الخطوب، وضاقت الصدور، مما يعطي المسلمين طاقة يصارعون بها ما يسميه المتخاذلون "الأمر الواقع"؛ ليصبح عزهم ومجدهم هو الأمر الواقع؛ وذلك بناءً على البشارات النبوية بالتمكين للدين، وظهوره على الدين كله، ولو كره الكافرون.
سادسًا: قد تمرُّ بالمسلمين وقائع في مقبل الأيام تحتاج إلى بيان الحكم الشرعي فيها، ولو تُرِكَ المسلمون إلى اجتهادهم؛ فإنهم قد يختلفون، وربما يكون بيان الحكم الشرعي في تلك الأحداث واجبًا لا بد منه، وعدم البيان يكون نقصًا تُنَزَّهُ الشريعة عنه.
فمن ذلك: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الدجَّال يمكث في الأرض أربعين يومًا؛ يوم من أيامه كسَنَة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، وبقية أيامه كأيامنا، وقد سأل الصحابة -رضي الله عنهم- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تلك الأيام الطويلة: أتكفي في الواحد منها صلاةُ يوم؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: "لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ"، ولو وُكِّل العباد إلى اجتهادهم؛ لاقتصروا على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة في غير هذه الأيام.