للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد ذهب البعض إلى أن "المتشابهات" الواردة في قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} الآية [آل عمران:٧]، يُرَادُ بِهَا "الحروف المقطعة في أوائل السور"، وحكى الإمام ابن جرير الطبري -رحمه الله تعالى- قَوْلَ من ذهب إلى أن الحروف المقطعة في أوائل السور من "المتشابه" وقولهم في تعليل ذلك: "لأنهن متشابهات في الألفاظ، وموافقات حروف حساب الجُمَّل"، ثم قال -رحمه الله تعالى-: "وكان قوم من اليهود على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طَمِعوا أن يدركوا مِن قِبَلها معرفة مدة الإسلام وأهله، ويعلموا نهاية أُكْلِ (١) محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمته؛ فأكذب الله أحدوثتهم بذلك، وأعلمهم أن ما ابتغوا علمه من ذلك من قِبَل هذه الحروف المتشابهة لا يدركونه، ولا من قبل غيرها، وأن ذلك لا يعلمه إلا الله".

ثم قال الإمام الطبري -رحمه الله تعالى-: "وهذا القول أشبه بتأويل الآية" (٢).

وقال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- في شرح قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَإِذَا رَأَيْتِ (٣) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ؛ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ؛ فَاحْذَرُوهُمْ":


(١) الأُكْل: مدة العُمُر.
(٢) "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" (٦/ ١٧٩، ١٨٠).
(٣) بكسر التاء؛ لأنه كان يخاطب أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-.

<<  <   >  >>