لقد سقطت دولة الخلافة، وابتعد أكثر المسلمين عن القرآن رويدًا رويدًا؛ فتناولتهم السبل، ومخروا عُبابَ بحرِ الفُرقةِ اللَّجَب، وابتعدوا عن شاطئ النجاة؛ فاستوت بهم سفينة الحيرة على صخرة الاختلاف، وبلغ بهم الأمر إلى أنهم نبذوا كتاب ربهم وراء ظهورهم، وذابوا في غيرهم؛ حتى صار من بين المسلمين من لا تستطيع أن تميزه من الكافر لا في المظهر فحسب، بل حتى في الصميم من الأخلاق والأفكار والعادات.
وعلى حين غفلة من هذا المارد النائم، لملمت فلول الشرذمة المغضوب عليها قواها المبعثرة، وأعادوا الكرة على الذين نبذوا كتاب ربهم وراء ظهورهم؛ فأذلوهم، وأذاقوهم ألوان الخزي والعار، وانهالت الإمدادات على أمة القردة، والخنازير من أمة الضالين، وعَبَدة الطاغوت؛ فأصبح اليهود أكثر نفيرًا من المسلمين، {وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا}[الإسراء: ٦]، وها هم رعاة الأمة -إلا من رحم الله- قد نسوا الله فأنساهم أنفسهم؛ حاربوا أولياء الله الداعين إلى طريق النجاة،؟ تبرءوا من الإسلام، وتنكروا له، وأرادوا أن يُحَلِّقُوأ في الدنيا بجناح المادة، فخذلهم جناح الإيمان، فكُبكبوا على وجوههم، وتولى الله تأديبهم على يد مَن لا يرقبون فيهم إلًّا ولا ذمة؛ فتراهم متخبطين في كل قطر، أذلة في كل وجه، يسومهم أعداء الله سوء العذاب، ويفرضون عليهم الخزي والعار، ويتخذونهم مطية رخيصة؛ ليصلوا عليها إلى مآربهم التوراتية، والتلمودية، ولكن لن يتم لهم ذلك، ولن يجنوا ثماره بإذن الله؛ لأن الله -عز وجل- قضى -وهو أحكم الحاكمين-، ووعد -وهو سبحانه الذي