للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصبغ بن نُباتة لا يُحتَجُّ بروايته.

وقد ورد أن هذه الصناعةَ مأثورةٌ عن فلاسفة اليونان الصابئة الذين يعبدون الأوثان، فقد جعل أرسطو في آخر كتاب "السياسة" فصلا في حساب الجُمَّل، وادعى أنه يعرف بها الغالب من المغلوب، ونحو ذلك من أمور الغيب (١).

والذي ينبغي أن يُعْلَمَ في هذا الموضع أن هذه الحروفَ ليست أسماء لمسميات، ولا علاقةَ لها بمستقبل الإنسان ولا بحياته، وإنما أُلِّفَتْ ليُعْرَفَ تأليف الأسماء من حروف المعجم، بعد معرفة حروف المعجم، ثم إن كثيرا من أهل الحساب صاروا يجعلونها علامات على مراتب العدد، فيجعلون الألِف واحدًا، والباء اثنين، والجيم ثلاثة ... وهكذا، ثم أخذ هؤلاء هذا الاصطلاح، ولفقوا عليه الأباطيل وادَّعوا أَنَّهُ علم، وأن به تُعْرَفُ الأمورُ الغيبية، وربطوه بالتنجيم؛ لخفاء بطلان التنجيم على كثير من الناسِ، والعلم لا يُؤْخَذُ عن مثل هذه النظريات الفاسدة، ولا من هذه العقليات الجاهلية الباطلة، بل لابد فيه من عقل مُصَدَّق، ونقل مُحَقَّقٍ (٢)، وهذا الذي يزعمون ما هو إلا ادعاء علم استأثر الله به، وهذا بلا شك من أعظم الشرك في الربوبية، ومن صَدَّقَ به، واعتقد فيه كفر -والعياذ بالله (٣) -؛ كما قال ابن عباس -رضي الله


(١) انظر: "مقدمة ابن خلدون"، ص (١١٤).
(٢) انظر: "مجموعة المسائل"، (١/ ٣٨٦ - ٣٨٧).
(٣) انظر: "معارج القبول"، (١/ ٣٢٦)، و"كفر من ادعى علم الغيب" لمؤلفة أبي هارون عيسى بن يحيى، نشر مكتبة الصحابة -جدة- ١٤١٥هـ.

<<  <   >  >>